فقد المجتمع البحريني كما فقدت أسرته الكريمة الأستاذ والمربي الفاضل محمد بن حسين بن الشيخ عبدالرحمن الجودر يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024م والد السفير هشام بن محمد حسين الجودر، الذي عرفته أستاذًا ومربيًا وحريصًا على مستقبل التعليم في بلادنا، لم يكن المرحوم بعيدًا عن مجتمعه البحريني فهو ابن مدينة المحرق العريقة؛ فقد ولد بفريج الجودر بالمحرق عام 1945م من أسرة بحرينية متدينة، وككل أبناء المحرق تلقى تعليمه في مدرسة الهداية الخليفية ثم واصل تعليمه العالي ليحصل على ليسانس آداب في علم النفس من جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1969م بالإضافة إلى دبلوم عال في التخطيط التربوي من المعهد الدولي للتخطيط بباريس عام 1977م ودبلوم عال في الإدارة التنفيذية من جامعة البحرين عام 1999م.
وكجيله من أبناء البحرين بدأ مسيرته المهنية كمدرس في جميع المراحل التعليمية وعمل في مختلف الوظائف الإدارية، حيث كان مشرفاً اجتماعياً وإدارياً ثم تولى رئاسة التخطيط في وزارة التربية والتعليم، وكان رئيس التخطيط في مكتب التربية العربي لدول الخليج، وشغل لاحقاً منصب مدير إدارة البعثات والشؤون الثقافية عام 2000م، كما شغل منصب الوكيل المساعد للخدمات التربوية والتعليم الخاص من 2000م إلى 2005، والوكيل المساعد للتخطيط والمعلومات التربوية حتى عام 2006م، قبل أن يصبح مستشاراً تربوياً في مكتب وزير التربية والتعليم حتى عام 2009م.
عرفت المرحوم بحكم عملي في وزارة الإعلام ومن ثم في هيئة الإذاعة والتليفزيون، ومن ثم الوكيل المساعد للثقافة والتراث الوطني، فكانت بحكم المهنة تربطنا بوزارة التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم برئاسة وزير التربية والتعليم علاقات تنسيق وتبادل الآراء لحضور مؤتمر اليونسكو في باريس كفريق بحريني يشارك في فعاليات المؤتمر الدولي، كما تعرفت على المرحوم من خلال الصلوات المفروضة فكان يأتي إلى مسجد فاطمة بمدينة عيسى بحينا ونتبادل الرأي في مسيرته التربوية وتجربته الحياتية كونه خبرة وطنية متميزة، وكنا بالمناسبة نجتمع أحيانًا بالأستاذ على بوبشيت الوكيل المساعد للمناهج بوزارة التربية والتعليم سابقاً وبالمرحوم الدكتور عبدالله سبت الأستاذ بجامعة البحرين، والمدرس ومؤلف كتب في المناهج بوزارة التربية والتعليم سابقاً.
فقد كانت مدينة عيسى ولا تزال تضم العديد من الشخصيات البحرينية وبمختلف التخصصات، وكنت عندما ألتقي بالأستاذ السفير هشام بن محمد الجودر في مؤسسة الشباب والرياضة سابقاً وسفارة مملكة البحرين بالقاهرة سابقاً يتبادر إلى الذهن سمعة والده الطيبة وأسأل عنه وأستذكر الذكريات الجميلة التي تربطنا بأحد أعلام وطننا الغالي مملكة البحرين؛ فالمرحوم يذكرنا بتلك الأجيال التي لم تبخل علينا بالمعلومات والتوجيه وتشعر وأنت قريب منهم الغيرة الوطنية ورغبتهم وحبهم لأبناء وطنهم أن يتقلدوا المناصب المناسبة، وأن يسهموا في تطوير مجتمعهم.
المرحوم الأستاذ محمد بن حسين الجودر من هؤلاء الرجال الغيورين على مجتمعهم وأبنائه، وأسهم كثيرًا في التطوير التربوي، وكانت لهم علاقات وثيقة أيضًا برجال التربية والتعليم في خليجنا العربي والوطن العربي، وكان المدرسون الذين يأتون من دولنا العربية كمصر، وسوريا، والعراق، ولبنان، والأردن، وفلسطين، والسودان يجدون من يرحب بهم ويوفر لهم سبل العيش الكريم ليقوموا بالواجب الذي تمليه عليهم عروبتهم ورغبتهم في الإسهام التربوي وتطوير الحركة التعليمية في أي قطر عربي.
كان المرحوم محمد الحريص على رابطة آل جودر والساعي للخير بين أفراد الأسرة، وكان مجلس الجودر بالمحرق في المناسبات لا يخلو من تواجده بين الأهل.. فهو صاحب واجب ويقدر الناس وينزلهم المنزلة اللائقة بهم.
لقد وجدت شخصية الوالد محمد في ابنه هشام الذي عرفته مضيافًا وكريمًا، يقدم الخدمات لمن يستحقها في كل المناصب التي شغلها؛ فهو مواطن إنسان يحب الخير للجميع، ويحرص على مد يد العون وإسداء النصيحة والمشاركة في الكثير من الفعاليات، ولا أنسى مبادراته في رمضان عندما كان سفيرًا لمملكة البحرين لدى جمهورية مصر العربية بالقاهرة بإرساله يوميًا لنا فطور رمضان؛ بالإضافة إلى الولائم التي يقيمها في سكنه للمواطنين البحرينيين الزائرين إلى مصر مع أصدقائه السفراء العرب، وهي عادات متأصلة في أهلنا بمملكة البحرين.. كان المرحوم محمد الجودر أيضًا من رواد الحركة الكشفية العربية وله صداقات كثيرة مع رواد الحركة الكشفية العربية وتواصل معهم يرحمه الله.
سنظل نذكر هؤلاء الرجال أمثال المرحوم محمد بوهشام لأدوارهم الوطنية والإنسانية ومدهم جسور التواصل الاجتماعي والإنساني لما من شأنه تقوية الأواصر بين الأشقاء ومساعدة من يحتاجون إلى المساعدة في ميادين مختلفة؛ فالتعاون وتبادل الرأي وإسداء المشورة قيم علينا الحرص عليها وتأكيدها في مجتمعاتنا، فالكل بحاجة إلى أخيه مهما تعددت الاختصاصات وتباينت الاهتمامات.
رحم الله المربي الفاضل محمد بن حسين الشيخ عبدالرحمن الجودر مثواه الجنة ورضوان النعيم، وألهمنا جميعاً جميل الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
وعلى الخير والمحبة نلتقي