تناقلت وسائل الإعلام مؤخرًا خبر مفاده اتهام الزعيم الشيشاني، رمضان قاديروف، الملياردير الأميركي إيلون ماسك بتعطيل سيارته طراز "تسلا سايبرترك" عن بعد مما حول السيارة ذات المتانة العالية الملائمة للطبيعة الوعرة والمواصفات القياسية المتميزة إلى قطعة حديد بلا قيمة.
السيارة المزودة بنظام اتصال عبر الأقمار الصناعية يجعلها من جانب تتمتع بتحديثات البرامج التي تطرحها الشركة، ومن جانب آخر أداة طيعة في أيدي مُصنعيها، وهو ما جعل ماسك، لسبب أو لآخر، يعطل نظام تشغيلها بضغطة زر لا أكثر.
كانت عناصر المخابرات الأمريكية قد زرعت في يونيو 2009، فيروس ستكسنت في أجهزة كمبيوتر استوردتها إيران من أحد الشركات الألمانية، وما أن وَصَلَها الإيرانيون بشبكتهم حتى انتقل الفيروس إلى الكمبيوترات المـُشغِلة للبرنامج النووي في بوشهر، وبينما كانت البيانات على الشاشات طبيعية، وجه الفيروس أجهزة الطرد المركزية للدوران بسرعة هائلة أدت إلى انفجارها.
لم تكن تلك المرة الأولى أو الأخيرة لاستخدام فيروسات الكمبيوتر لأغراض تخريبية، إذ سبق تعطيل محطات إنتاج طاقة كهربائية في أوكرانيا من جانب قراصنة روس، فضلاً عما أُشيع عن التدخل في الانتخابات الأمريكية.
قبل أيام استخدمت تقنية متطورة لتفعيل دائرة تفجير أجهزة (بيجر) ولاسلكي في لبنان أدت إلى مقتل قرابة أربعين شخصًا، وإصابة عدة آلاف، فضلاً عن بث الرعب وتوقع سيناريوهات أكثر دموية، وصار إعلان الحرب بشكل رسمي بروتوكول عديم القيمة.
تعتمد المنهجية الإسرائيلية في عدوانها على فلسطين ولبنان على نموذجين مختلفين؛ نموذج حرق الحديقة بكل ما فيها من أشجار وطيور في الأولى، حيث تجاوزت أعداد القتلى الأربعين ألف، والجرحى عشرات الآلاف، ومن تبقى حيًا ينتظر البرد والموت في الخيام.
في حين اتبعت في لبنان سياسة قنص العصافير، بدأت بفؤاد شكر، الرجل الثاني في حزب الله، ومن بعده راحت تصطاد القادة من فوق دراجاتهم، وفي داخل سياراتهم، وفي شققهم ومخابئهم، الأمر لا يحتاج إلى تعليق، فالحزب بكل ما فيه مكشوف أمام إسرائيل، والمسألة رهنٌ بالوقت.
يكتب هذا المقال مساء الجمعة الماضية، ووسائل الإعلام تتناقل نجاة زعيم حزب الله، السيد حسن نصر، من ضربة صاروخية، فما تُراه يفعل، هل يعتمد منهج شمشون حين هدم المعبد على رأسه تحت شعار علي وعلى أعدائي، ويعلن الحرب على إسرائيل ويفتح الباب لاحتمالات تحول لبنان إلى غزة جديدة؛ أم يتابع صامتًا أخبار اصطياد قادته ورجاله، إلى أن يحين الدور عليه؛ اليوم أو غدًا.
الخياران بالغي الصعوبة، وفيهما انتحار، الأول سريع والثاني بطيء، ولا أحد يعرف موقف الجيش اللبناني، بينما تتمسك إيران بسياسة ضبط النفس مع كل ما نزل بها، مرورًا بقنص اللواء قاسم سليماني ونائبه المهندس في يناير 2020، وعلماء البرنامج النووي، وقادة الحرس الثوري في المواقع المختلفة في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. تعلم إيران أن التصعيد يمكن أن ينسف برنامجها النووي، وهذا ما لا تريد المساومة عليه. ولكن لإسرائيل رأيٌ آخر.
على مدى سنوات طوال، زرعت إسرائيل عيونًا وآذانًا بشرية وإليكترونية في أرجاء الحديقة، واعتمدت أكثر من سيناريو للتحرك على الأرض تاركة الحالمون بصفقات السلام يتسترون خلف تلال أحلامهم، بينما كل من في الحديقة خاشعٌ يترقب في صمت متى تصل الرصاصة الأخيرة للهدف الأخير، الصياد يعرف!.
يلخص نزار قباني الموقف قائلاً (إذا خسرنا الحرب لا غرابه/ لأننا ندخلها.. بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة/ بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة/ لأننا ندخلها.. بمنطق الطبلة والربابة/ خلاصة القضية توجز في عبارة/ لقد لبسنا قشرة الحضارة/ والروح جاهليه...)
وإلى أن تتغير الروح ستمضي الحروب القادمة بين منهجين؛ حرق الحديقة، وقنص العصافير.