لست من متابعي كرة القدم، وبالتالي فمعرفتي باللاعبين وأسمائهم وسجلهم الرياضي شبه معدومة.
لأسباب اجتماعية، انضممت إلى المتحلقين حول الشاشة لمتابعة مباراة كأس السوبر الإفريقي على ملعب المملكة أرينا بالرياض، بين فريقي الأهلي والزمالك. بذل الفريقان جهدًا كبيرًا وإن شابه بعض التوتر ومع هذا جلست مطمئنًا أن الكأس ستبيت في مصر.
عكست الأجواء الاحتفالية مستويات إبهار تنافس الدوري الأوروبي من حيث فخامة الاستاد وتقنيات التصوير المدمجة مع الذكاء الاصطناعي، في إشارة لقفزات المملكة العربية السعودية على طريق المستقبل على طريق سريع يمتد على أحد جانبيه واجهة دينية أصيلة في حداثتها، وحديثة في أصالتها، وعلى الجانب الآخر واجهة حضارية تلاحق صورها قطار الحضارة السريع. 
بانتهاء المباراة استضاف المعلق بعض اللاعبين للحديث عن انطباعاتهم عن المباراة. لتكتشف سيدي القاريء أنك أمام لسان يتعتع ويتهته ويكرر ما يقول، دفقة ماء اتبعها انقطاع، وزخة مطر تلاها جفاف، وذلك خلاف ما كنت تراه من مهارات كروية.
فارق هائل بين لاعب متميز يفتقر إلى قشور قشور الثقافة، يتألق محليًا وينطفئ دوليًا، وآخر دولي يتمتع بذكاء اجتماعي يمنحه القدرة على الفهم والتعامل مع الآخرين بحكمة في العلاقات الإنسانية، ويمكنه من إقناع من حوله، فضلاً عن فضيلة الاعتراف بحقوق الآخرين.
كان اللاعب الدولي محمد صلاح قد دُعي منذ نحو ثلاث سنوات لحضور حفل جائزة Earth Shot، الذي يقام سنويًا لتكريم الأشخاص المساهمين في الحفاظ على البيئة والعمل على نشر التنمية المستدامة، أثنى خلاله الأمير وليم، ولي عهد إنجلترا حينذاك، على كلمة صلاح عن مخاطر التلوث المائي والمخلفات البلاستيكية، ودعوته لاتخاذ إجراءات جادة للحفاظ على الثروة السمكية. 
يوم الجمعة الماضي، وفي ذات التوقيت الذي كانت تتوهج فيه الشاشات من المحيط إلى الخليج بمشاهد المباراة، كان حي الضاحية بلبنان يتوهج بنيران الصواريخ والقنابل الخارقة إثر ضربة صاروخية وجهتها إسرائيل لمركز قيادة حزب الله في بيروت العاصمة، اغتيل فيها الأمين العام، السيد حسن نصر الله ورفاقه.
اختلفت اليوم نظرة المحللين لحزب الله عنها منذ أسابيع قليلة مضت، منحته حشود جنوده، وترسانته العسكرية، وقدراته القتالية، ومنصات صواريخه قبل الحرب الحالية وضعًا استثنائيًا في عيون المتخصصين توقعوا معها اختلاف المواجهة بينه وبين إسرائيل، عن نظيرتها مع حماس. غافلين عن أنك حين تُكشف أوراقك، تسقط كافة حصونك، تصبح هشًا، أوراق جافة تكنسها ريح الخريف، من هنا تم القضاء على قيادات الحزب بمستوياتها الثلاث خلال أيام معدودة.
اختراق معلوماتي جعل استراتيجيات الحزب أقرب لخطط نادى يلعب في الدوري المحلي بأفكار عن الحرب تتقارب مع نظرة فتوات روايات نجيب محفوظ للحرافيش.
كشفت الحرب الأبعاد الحقيقية لخندق المعلوماتية الفاصل بين العرب والواقع المعاصر، ألقت ضوءً ساطعًا كشف خداع الظلال الممددة على الجدران وفضح العورات. ما عادت شعارات من قبيل "عالقدس رايحين شهداء بالملايين" تُجدي. يتكفل صاروخ ذكي يُعده بضعة جنود بإنهاء الأمر، دون حاجة للملايين.
يقول الكاتب البرازيلي، باولو كويللو، في روايته الخيميائي؛ "إذا تمكنت من قراءة الإشارات، سوف تتعلم كل ما تحتاج إلى معرفته لكي تخطو الخطوة التالية".
ربما كانت مصادفة حملت في جوانبها مفارقة دالة على حقيقة الهوة التكنولوجية عبر تزامن ضرب مقر قيادة حزب الله واغتيال أمينه العام بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي مع مباراة كرة قدم بين فريقين عربيين يفتقد كثير من نجومهما الحد الأدنى من الذكاء الاجتماعي!.. ربما!