«البيان» بثت، الأسبوع الماضي، على حسابها في منصة «الانستغرام» تقريراً مصوراً يستعرض فيه آراء بعض مليارديرات بريطانيا والأسباب التي دفعتهم إلى الهجرة والانتقال بأموالهم من لندن من أجل الاستثمار والاستقرار في إمارة دبي.
وتنوعت إجابات هؤلاء الأثرياء وفق اتباع سياسة المقارنة المنهجية بين المكانين لندن ودبي معيار مدى توفر أسباب تحقيق نجاحاتهم المالية.
ولكن، يمكن إجمال تلك الأسباب في اللغة الاستثمارية في توفر البيئة الجاذبة في دبي والتي يمكن شرحها في: الأمن والأمان أي الاستقرار بشكل عام فلا يمكن الحديث عن الاستثمار دون الأمن.
وكذلك يشمل تلك البيئة قوة الأداء الاقتصادي وهو ما يعني توفر التنافس الإيجابي مع الآخرين. وبلا شك فإن نمط الحياة ورفاهيتها من العوامل المهمة، ولعل هذا الأمر خلق جواً يشعر فيه المثل وكأنه يعمل في «وطنه الأم»، حيث تشعر أسرته بالدفء العائلي.
فلا يكفي توفير عوامل إنجاح المشروعات الاقتصادية دون أن تكون البيئة المجتمعية المحيطة فيها من تحفيز الإنسان على العطاء والإبداع، وبالتالي العودة مرة ثانية بنشاط وربما هذا العامل هو ما تتفوق عليه إمارة دبي مقارنة بغيرها من المدن الاستثمارية الأخرى.
علينا أن ندرك، أن تقييم البيئات الاستثمارية في العالم لا تعتمد على مؤشر واحد، ولكن هناك مؤشراً يتقدم على الآخر ويبقى الاستقرار والأمن في نظري هو القاسم المشترك بين الجميع لذا تنوعت أسباب انتقال مليارديرات بريطانيا إلى دبي نتيجة لتغير العوامل الجاذبة إليها.
العالم كله يكاد يتنافس في توفير أسباب جذب رجال الأعمال، ولكن أن تظل إمارة دبي في خط أو مستوى متصاعد في هذا الجانب. وعندما نرى ذلك التميز ينبغي ألا يكون من باب العجائب والاستغراب لسببين بسيطين هما:
السبب الأول: أن دبي إمارة اعتادت على عدم منافسة أحد في مجال أن تكون «أرضاً للفرص» بقدر أن القائمين على أمر التخطيط في الإمارة ينافسون أنفسهم، وبالتالي فهم يتركون الآخرين يستنسخون تجربة دبي مع العلم أن المسافة الزمنية بين دبي والآخرين من حيث توفير البيئة الاستثمارية كبيرة، وبالتالي مسألة اللاحق بها يكاد يكون من المستحيلات أو أنه يحتاج إلى وقت طويل بما تعنيه الكلمة من معنى.
السبب الثاني: تمتاز دبي بالتطوير المستمر وفق منطق أهمية ملاحقة كل ما يستجد في ساحة تسهيل إجراءات استقطاب رؤوس الأموال سواءً البنية التحتية أو القوانين والتشريعات التي تخلق طمأنينة لدى المستثمرين العاملين في هذه الإمارة، لهذا لا تستغرب أن يتم الاستعانة بمن عملوا في دبي واكتسبوا خبرات مهنية، فمعروف عن الإمارات بأنها تصقل مهارات الباحثين عن العمل وتفتح لهم الفرص إما للعيش فيها أو إيجاد أعمال أخرى في العالم.
إلى وقت قريب لم يكن من السهل وضع بريطانيا كبيئة استثمارية عالمية يطمح كل رجال الأعمال للعمل فيها في مقارنة مع أي دولة في العالم وليس دبي فقط نتيجة للبيئة الاستثمارية الملائمة لكل المجالات ومنها الاستثمار في مجال الإعلام، ولكن عندما أتذكر حواراً إعلامياً أُجري مع الشيخ وليد الإبراهيم رئيس مجلس إدارة مجموعة «أم بي سي» عندما سئل كيف غامرت باتخاذ قرار الانتقال من لندن إلى دبي التي اعتبرت مجازفة.
كانت إجابة وليد الإبراهيم بأنه كان في مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عندما تقدم مواطن إماراتي يحاول التوسط لأحد أقربائه لأنه تعدى على أحد مواطني الدولة فكان رد الشيخ محمد بن راشد للرجل مضمونه: «أنه لا أحد فوق القانون في دولة الإمارات»، ومن هنا عرفت دبي إلى أين هي متجهة؟ فاتخذنا قرارنا بالانتقال إليها.
ما جاء في القصتين هجرة مليارديرات بريطانيا إلى دبي وكذلك انتقال مجموعة أم بي سي إشارة إلى أن هناك رؤية وتخطيطاً مدروساً وفكراً وهو ما جعل من إمارة دبي الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية في استقطاب المستثمرين وليس ببعيد أن تكون الأولى قريباً.