أجيال إذاعية نفتخر بها في وطننا مملكة البحرين منذ تأسيسها في الأربعينات (4 نوفمبر 1940م) في مختلف تخصصاتهم واهتمامهم والمهام التي اضطلعوا بها من قراءة الأخبار وتقديم البرامج بأنواعها إلى الإذاعة الخارجية وإعداد البرامج وخريطة البرامج اليومية وأمناء المكتبة الإذاعية والهندسة والنقل الخارجي وأجيال ندين لهم بالتقدير والاحترام، إلى متابعين أبوا ألا أن يشاركوا بأفكارهم وتسجيلاتهم وإهدائهم للأغاني والبرامج التي حرصوا على تسجيلها من إذاعات عربية أخرى، ومن بينهم الأستاذ محيي الدين عبدالله بهلول الله يعطيه الصحة والعافية، إلى المطربين والملحنين وكتاب الأغاني والشعراء المتميزين الذين حرصوا على المشاركة في المناسبات الوطنية والقومية والدينية، إلى استضافة شخصيات إذاعية من دولنا الخليجية العربية ومن أوطاننا العربية الذين شاركوا بحضورهم أو إرسال برامجهم أو إعداد نصوص حرص مذيعونا على قراءتها منفردين أو مجتمعين، فكانت الإذاعة بمنزلة الزاد الثقافي اليومي لأعداد كثيرة من المستمعين الذين أصبحوا مع مضي الوقت يعرفون الأسماء والبرامج، ويعرفون مواعيد إذاعتها سواء من خلال إذاعة البحرين أو إذاعة صوت العرب من القاهرة أو الإذاعات في دول خليجنا العربي.
تعلقت في الإذاعة منذ الصغر وكان الراديو لا يفارقنا، فالوالد يرحمه الله كان مولعًا بالكثير من البرامج ومن بينها تمثيليات الكاتب الراحل المبدع عتيق سعيد الذي ترك بصمات واضحة في التمثيليات الشعبية الإذاعية وكان يوم الجمعة صباحًا موعد المستمعين مع تمثيليات عتيق سعيد بوهاني يرحمه الله.
تذكرت الكثير من المواقف الإذاعية مع الإذاعي الأشهر الأستاذ أحمد سعيد مدير إذاعة صوت العرب الله يرحمه عندما كنت سفيرًا لمملكة البحرين لدى جمهورية مصر العربية وكان يروي لنا التقدير الجم الذي نالته هذه الإذاعة في عموم وطننا العربي الكبير حتى تعرفت بحكم المهنة الإعلامية السابقة على الأخت المذيعة الدكتورة لمياء محمود سيد خضير رئيسة شبكة صوت العرب من يوليو 2013م حتى التقاعد مارس 2022م، وكانت الله يعطيها الصحة والعافية في بداية عملها مذيع تنفيذ على الهواء، وقراءة النشرات الإخبارية والتحليلات السياسية والتعليقات السياسية، والإذاعة الخارجية على الهواء وتاريخها ولله الحمد ناصع في العمل الإذاعي المصري والعربي ومن خلال اتحاد إذاعات الدول العربية، إلى أن تولى الأستاذ عبدالرحمن البسيوني رئاسة شبكة صوت العرب من القاهرة حاليًا، وتعرفت على زملاء معدين ومقدمين ومخرجين في إذاعة صوت العرب وإذاعة القاهرة الكبرى...
العمل الإذاعي العربي يذكرنا بأسماء لامعة في وطننا العربي كان لهم الدور المؤثر في الإعلام المسموع والمرئي بالإضافة إلى الإعلام المقروء، قدمت من خلال عملي الإذاعي قراءة نشرات الأخبار الإذاعية وبدايتي عكس الزملاء الآخرين فقد بدأت بقراءة أخبار التفزيون منذ إنشائه كأول تلفزيون ملون في المنطقة عام 1973م. وواصلت قراءة أخبار الإذاعة منذ العام 1975م بتشجيع من رائد العمل الإذاعي البحريني المرحوم الأستاذ إبراهيم علي كانو بوعلي مدير الإذاعة، والأخ المرحوم عبد الرحمن عبدالله الراعي بوخالد رئيس البرامج، والأستاذ الشاعر حسن سلمان كمال بوخالد رئيس الأخبار سابقًا الله يعطيه الصحة والعافية، وبدأت في إعداد وتقديم برنامج «للمستمع مع التحية» الذي استمر طويلاً، وبدايتي كنت أقدم البرنامج مع المذيعة القديرة بدرية عبداللطيف هجرس أم محمد يحفظها الله، وبإخراج المخرج الإذاعي المرحوم نبيل خلف العلوي، حتى عدت بعد مدة طويلة لتقديم البرنامج من جديد في إذاعة البحرين في مبناها الجديد بمدينة عيسى وكان المخرج للبرنامج الإذاعي عبدالناصر النعار، وكان مدير الإذاعة وقتها الذي رحب بإعادة تقديمي للبرنامج بنفس الاسم الأستاذ الشاعر يونس سلمان عوض الله يعطيه الصحة والعافية ويوفقه في عمله الإعلامي الجديد.
كان للمستمع مع التحية يقدم نماذج من مجتمعنا البحريني في مختلف التخصصات، وكنت أحرص أن يكون ميدانيًا ألتقي بالناس البسطاء الذين يتعاملون في الأسواق الشعبية كبائعين ومشترين، وأحرص على أن يكون ضيوف البرنامج من الجنسين، يستعرضون تجاربهم ومسيراتهم في الحياة، ويتحدثون بعفية عن المشاكل التي يصادفونها ورؤيتهم في الإسهام بالتطوير والبناء، وكنت أحيانًا استضيفهم في استديو الإذاعة وأحيانًا أنزل إلى الميدان وبحوزتي جهاز التسجيل إيمانًا بأن الميدان يجدون أنفسهم فيه ويتحدثون بعفية ودون مجاملة وبلهجتهم التي يتعاملون بها في حياتهم اليومية.
وكنت وأنا أتصفح ذكرياتي مع هذا البرنامج أتذكر الزميل المخرج الإذاعي إبراهيم عيسى خالد بوفهد يرحمه الله، فقد رافقتي في الكثير من الحلقات داخل مملكة البحرين وخارجها وكان نعم المخرج الأمين، وكانت بعض الحلقات من إخراج المخرج المبدع الأستاذ عبدالواحد درويش بومحمد الله يعطيه الصحة والعافية.
كان برنامج «للمستمع مع التحية» يتحدث للناس البسطاء في المواضيع التي تخصهم مع التأكيد على استضافة النخبة من الأدباء والشعراء والفنانين البحرينيين والعرب، بالإضافة إلى رواد العمل التطوعي وأصحاب المجالس الاجتماعية، وكنت أشعر بالفخر وأنا أشارك في برنامجي في مسابقات مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون ومهرجان اتحاد إذاعات الدول العربية بتونس ومهرجان الخليج العربي للإذاعة والتلفزيون بمملكة البحرين.. ولو قيض لي أن أعيد تقديم هذا البرنامج من إذاعتنا العتيدة التاريخية إذاعة البحرين لما تأخرت مع اعتزازي وتقديري لما يقدمه شبابنا من برامج إذاعية وتلفزيونية في مملكة البحرين، فلهم كل الشكر والثناء وعلينا أن ندعمهم لتقديم المزيد، وفقهم الله ووفق المسؤولين عنهم، فسيظل الإعلام المسموع والمرئي والمقروء زادنا في الحياة ومصدر ثقافتنا كغيرها من مصادر العلم والمعرفة.