آخبار عاجل

التعليم: طريق نحو التنمية البشرية والاستدامة.. بقلم: د.طارق محمد القرق

24 - 01 - 2025 5:30 3

تشكل التنمية البشرية ركيزة التقدم، حيث تُسهم في تكوين أفراد أكثر صحة، وبناء مجتمعات أقوى وأكثر شمولاً. وفي جوهرها، تتجلى قوة التعليم والتربية باعتبارهما قوة تحولية تزود الأفراد بالمعرفة والمهارات والمرونة لتحقيق إمكاناتهم الكاملة. فالتعليم ليس مجرد حق أساسي، بل هو ركيزة أساسية للتنمية البشرية ومحفّز جوهري للاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ومع ذلك، تظل مسيرة التنمية البشرية غير مكتملة دون توفير تعليم سليم ومنصف. فمن مرحلة التعلم في الطفولة المبكرة إلى اكتساب المهارات مدى الحياة، لا يقتصر دور التعليم على تمكين الأفراد فحسب، بل يمتد ليحفّز التقدم على مستوى المجتمع والنظم.

فهو يزوّد الأفراد بالقدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة، وتأمين سبل عيش مستقرة، والمساهمة بفعالية في تنمية مجتمعاتهم. ومن خلال ذلك، يصبح التعليم حجر الأساس في مواجهة التحديات العالمية، مثل عدم المساواة، والتغير المناخي، والأزمات الصحية، مما يمكّن المجتمعات من بناء مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.

ويُعدّ التعليم محركاً راسخاً للتقدم، حيث تتجاوز آثاره الإيجابية حدود الفصول الدراسية. وتؤكد الأبحاث باستمرار دوره الحاسم في تحسين النتائج الصحية والحد من الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية. فالأفراد المتعلمون أكثر قدرة على اتخاذ قرارات صائبة بشأن صحتهم ورفاههم وتأمين وظائف مستقرة والمساهمة بفعالية في مجتمعاتهم.

وإلى جانب هذه الفوائد الملموسة، يعزّز التعليم المرونة، مما يمكّن المجتمعات من التكيف مع الأزمات الصحية، والتحولات الاقتصادية، والتطورات التكنولوجية. كما يعزز مهارات التفكير النقدي والتعاطف والابتكار وهي مقومات أساسية لمواجهة التحديات العالمية المعقدة.

التنمية البشرية مسيرة معقدة تتطلب جهوداً موحّدة. فهي تعتمد على شراكات قوية ومستدامة تجمع بين القطاع الخاص والهيئات الحكومية، بما في ذلك وزارات الاقتصاد والتعليم والعمل والرعاية الاجتماعية.

ومن خلال هذا التعاون، يمكن لهذه الأطراف الفاعلة تكوين قوى عاملة ماهرة ومؤهلة للمستقبل، قادرة ليس فقط على تلبية الأولويات الوطنية، بل أيضاً على مواكبة متطلبات سوق العمل العالمي المتغير باستمرار.

لطالما دافعت دبي العطاء عن الدور التحويلي للتعليم وأهمية التعاون في إحداث تغيير جذري في النظم التعليمية. ومن خلال تعزيز الشراكات الاستراتيجية، أدت دبي العطاء دوراً محورياً في تسريع وتيرة تحويل التعليم على مستوى العالم، مما أسفر عن تأثير مستدام وعميق يمتد عبر النظم التعليمية في مختلف الدول.

إدراكاً للقوة التحويلية للتعليم، طوّرت دبي العطاء «إطار عمل تحويل التعليم العالمي»، ليكون أداة توجيهية للدول الساعية إلى إعادة تصور مستقبل التعليم لأطفالها وشبابها. فهذا الإطار ليس مجرد خارطة طريق، بل هو رؤية شاملة للنمو المستدام، حيث يجمع بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لبناء نظم تعليمية مرنة ومتطورة تستجيب لمتطلبات المستقبل مع التركيز العميق على السياقات المحلية.

ورغم أن الأهداف التعليمية العالمية توفر أساساً للتقدم، فإن لكل دولة احتياجاتها الفريدة، ما يستدعي تبنّي نهج مصمم خصيصاً لمعالجة تحدياتها وتحقيق تطلعاتها الوطنية. ومن خلال مواءمة نظمها التعليمية مع أولوياتها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، يمكن للدول تعزيز التنمية المستدامة من الداخل، مما يمكّن الأفراد من الازدهار بطرق فاعلة وتتناسب بشكل وثيق مع واقع حياتهم.

يرتكز «إطار عمل تحويل التعليم العالمي» على 3 محاور رئيسية: توفير التعليم، الملاءمة والشراكة. ويعتبر التعليم حقاً عالمياً، وضمان الإتاحة هو أمر جوهري لتحقيق هذه الرؤية.

ويهدف إطار عمل دبي العطاء إلى توسيع فرص التعليم للجميع مع التركيز على الفئات المهمشة من خلال توفير مسارات تعليمية بديلة للمتعلمين الذين قد لا تتوافق مسيرتهم التعليمية مع النظام التعليمي التقليدي من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر. وتتطلب إمكانية الحصول على التعليم إزالة جميع العقبات سواء كانت جغرافية أو اجتماعية اقتصادية أو تكنولوجية عبر حلول مبتكرة مثل المنصات الرقمية ومراكز التعلم المجتمعية.

ولا تقتصر الإمكانية الحقيقية للحصول على التعليم في توفيره فحسب، بل تشمل أيضاً ضمان إنصافه بحيث يحصل جميع الأطفال والشباب - بغض النظر عن خلفياتهم - على فرص للتعلم والنمو والنجاح.

ولا تقل أهمية الملاءمة عن إمكانية الوصول إلى التعليم. ويجب أن يتجاوز التعليم مجرد نقل المعرفة، ليزود المتعلمين بالمهارات والقيم التي تتماشى مع رؤية كل دولة واحتياجات سوق العمل.

ويعزز «إطار عمل تحويل التعليم العالمي» الذي أطلقته دبي العطاء، المناهج التي تركز على المهارات العملية، والتفكير النقدي، والقدرة على التكيف، مما يمكّن المتعلمين من التكيف بنجاح مع سوق عمل دائم التغير.

كما أن دمج مواد أساسية مثل الثقافة الصحية والمالية والتوعية البيئية، يحضّر الشباب لاتخاذ قرارات مستنيرة واتباع نمط حياة صحية والمساهمة بفعالية ضمن أسرهم ومجتمعاتهم، مما يعزز دورهم كأفراد منتجين وفاعلين في المجتمع.

ولا يمكن لأي جهة أن تحقق تحولاً تعليمياً شاملاً بمفردها. فالشراكات القوية بين القطاعين العام والخاص ضرورية لضمان توافق مخرجات التعليم مع الأهداف الاقتصادية الوطنية. إن التعاون بين وزارات الاقتصاد والتعليم والعمل والرعاية الاجتماعية، إلى جانب الشركات الخاصة.

يضمن أن النظم التعليمية تُخرِّج قوى عاملة قادرة على مواجهة التحديات الحالية والاستجابة لمتطلبات المستقبل. وفي دبي العطاء، شهدنا التأثير الكبير لهذه الشراكات، حيث مكّنت الدول من الاستفادة من الموارد والخبرات والتكنولوجيا لإعادة تصور نظمها التعليمية وتعزيزها.

ويتطلب تحقيق هذه الرؤية الطموحة التزاماً راسخاً من جميع القطاعات، إذ يجب على الحكومات منح الأولوية للتعليم كركيزة أساسية في استراتيجياتها التنموية وتخصيص الموارد اللازمة لضمان سهولة الحصول عليه وملاءمته.

كما يجب أن ينظر القطاع الخاص إلى التعليم على أنه استثمار في قوى العمل المستقبلية، وأن يساهم بفعالية من خلال الخبرة والتمويل والابتكار. وبالمثل، يجب أن تلعب المجتمعات دوراً محورياً في دعم وتعزيز المبادرات التعليمية، إدراكاً للفوائد المجتمعية الأوسع التي تحققها.

وفي دبي العطاء، نلتزم بدفع عجلة التنمية البشرية من خلال الشراكات والابتكار والالتزام المشترك بالتعلم. إطار عملنا هذا ليس نموذجاً جامداً، بل هو أساس تعاوني يمكّن الدول من تصميم أنظمة تعليمية تعكس احتياجاتها وتطلعاتها الفريدة.

ومن خلال ذلك، نعزز النمو الشخصي والمساواة والتنمية المستدامة مع المساهمة في التقدم العالمي من خلال المرونة والازدهار المشترك.

التنمية البشرية هي مسيرة تمتد مدى الحياة، ويشكل التعليم أساسها. فالتعليم ليس مجرد بوابة للمعرفة، بل هو القوة الدافعة وراء مجتمعات أكثر صحة وعدالة واستدامة.

والمضي قدماً يتطلب استثماراً في تعليم شامل وملائم وتحولي يبدأ من مرحلة الطفولة المبكرة. ومن خلال التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمعات، يمكننا تحويل التعليم إلى محرك قوي للفرص والمرونة. إن مستقبل التنمية البشرية يعتمد على القرارات التي نتخذها اليوم، فلنلتزم معاً ببناء عالم يُمكّن كل متعلم من الازدهار وإحداث تغيير حقيقي للأجيال القادمة.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved