آخبار عاجل

النفاق المنظم والسياسة الدولية .. بقلم: د.البدر الشاطري

07 - 02 - 2025 12:56 42

يعد مفهوم السيادة أحد أهم المفاهيم في العلاقات الدولية، حيث يقوم النظام الدولي على أساس دول متساوية السيادة، وأن العلاقات قائمة على أن هذه الدول تمتلك إرادتها الحرة وممارسة سلطتها على أراضيها ومياهها وسمائها. ولا يحق لأي دولة فرض قوانينها أو مصالحها أو بسط سلطتها على أراضي الدول الأخرى.

هذا المفهوم تطور عبر القرون منذ توقيع الدول الأوروبية صلح وستفاليا والذي وقع في 1648، حيث اعترفت الدول الأوروبية بسيادة الدول على سكانها وأراضيها دون غيرها من الدول، وأن قضايا الشؤون الداخلية بما فيها المعتقدات الدينية من اختصاص هذه الدول ذوات السيادة.

وقد تتدخل بعض الدول الأوروبية - في الماضي - في بعضها بسبب الانتماءات الدينية لشعوب هذه الدول بغرض حماية مصالح المجموعات الدينية، وقد أنهى صلح وستفاليا حرب الثلاثين عاماً (1618 - 1648) بين القوى الأوروبية.

إلا أن أحد أساتذة العلاقات الدولية، ستيفن كراسنر، ألف كتاب في 1999 بعنوان «السيادة: النفاق المنظم»، والمقصود بالنفاق المنظم هو إنكار الحقيقة الثابتة والمعروفة ولكن بشكل منظم ومقبول.

وفي سياق الموضوع هو علم الجميع بأن سيادة الدول منقوصة ومتفاوتة، ولكن الجميع يتظاهر بتساوي السيادة بين الدول. ويضيف الكاتب أن خرق السيادة الوطنية ليست مسألة حديثة ولكنها عبر التاريخ.

بطبيعة الحال فهو يوظف السيادة كمفهوم طبقاً لمصالح الدول، والتي قد تعترض على انتهاك سيادة دولة من الدول بما يخدم مصالحها السياسية أو الاستراتيجية، كما حصل في الغزو العراقي للكويت والحرب الروسية - الأوكرانية. ولكن قد تغض الطرف عن خروقات أخرى إذا لم يكن مهددة لمصالحها حتى لو كانت تقوض السيادة الوطنية للدول، كما في حالة الغزو الأمريكي للعراق.

ولكن ما تعريف السيادة؟ يقول فرنسيسكا لو كاسترو: «إن السيادة على أربعة أبعاد كما جاء في كتاب كراسنر؛ البعد الأول يتعلق بالاعتراف الدولي لسيادة دولة ما، أما البعد الثاني كما جاء في صلح وستفاليا، يتعلق بعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول، والبعد الثالث يتعلق بممارسة السيادة الداخلية واحتكار وسائل العنف، ورابعاً، وأخيراً، السيادة المتبادلة للسيطرة على العبور بين الحدود».

وتتعرض ممارسة السيادة الداخلية والاعتراف الخارجي بالسيادة لكثير من المسائل، برغم أنهما لب مفهوم السيادة التي تبلورت منذ صلح وستفاليا.

كثير من الأحيان قد تواجه دول من العالم النامي انتقادات عديدة بسبب ممارسة السيادة على أراضيها ومواطنيها. وتحت ذرائع حقوق الإنسان - وإن كانت أحياناً محقة - تمارس ضغوطاً على هذه البلدان.

في كثير من الأحيان يكون الانتهاك صريحاً، وتقوم دول كبيرة بالغزو المباشر لدول أضعف، كما حصل من قبل الاتحاد السوفيتي في المجر في 1956 وتشيكوسلوفاكيا في 1968؛ وأخيراً في الغزو السوفيتي لأفغانستان.

ولا تدخر الولايات المتحدة جهداً في التدخل المباشر ضد كثير من الدول الأخرى، خصوصاً إبان الحرب الباردة حين قامت واشنطن بالإطاحة بأنظمة حكم مناوئة لها كما في غواتيمالا وإيران وتشيلي والكونغو، حسب ما وثقها الكاتب الأمريكي ستيفن كينزر في كتابه «الإطاحة». فضلاً عن حروب خاضتها في دول العالم النامي، كما في فيتنام والعراق.

مفهوم السيادة يتعرض لضربات مباشرة بالتدخل، وغير مباشرة كما في حالة العولمة، والتي قوضت من سيادات الدول، وهيمنة ثقافات غريبة على مجتمعات متعددة.

ومع ذلك ترى الدول العظمى والمتوسطة والصغيرة تتعامل في المحافل الدولية وكما لو أنهم أنداداً، وهذا هو النفاق المنظم، والذي يعني التظاهر باحترام سيادة الدول، وفي الوقت نفسه العمل حثيثاً على تقويض السيادة الوطنية، وقد قيل في هذا السياق «يأكلون مع كل ذئب ويبكون مع كل راعٍ».



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved