آخبار عاجل

وزارة الكفاءة الحكومية.. بقلم: د. محمد النغيمش

07 - 02 - 2025 1:02 15

عندما تستعين حكومة بالقطاع الخاص فذلك مؤشر صحي على محاولة نقلها لأفضل ممارساته وحلوله. فعل ذلك الرئيس الأمريكي ترامب بإنشاء «وزارة الكفاءة الحكومية» (المؤقتة)، بقيادة نصيره الملياردير، إيلون ماسك.

ويعتزم ماسك، الذي لا يتقاضى راتباً عن وزارته، رفع كفاءة الأداء في مؤسسات الدولة، على اعتبار أن معظم حكومات العالم تعاني من الترهل الإداري، الذي تفنن القطاع الخاص في «ترشيقه».

وصارت اليابان أيقونة الرشاقة الإدارية، عبر نماذج عظيمة مثل مصانع «تويوتا»، وغيرها، فنصل سيف الساموراي الياباني البتار لا يقاوم رغبة «بتر» كل ما يثقل حركته ورشاقته.

يريد ماسك أن يخفض النفقات غير الضرورية، ويفك التشابك بين الوكالات الحكومية، ويخفض عددها من 400 إلى 99 وكالة، أي أن ثلاثة أرباعها ليس لها قيمة مضافة. هو يعتقد أن مؤسسات الدولة «متضخمة»، وأن إنفاقها ليس مستداماً، واستدامة النفقات يعني أن الحكومات مطالبة بجعل إنفاقها أكثر كفاءة، بحيث يلبي متطلبات الحاضر دون إرهاق حاجات المستقبل.

المشكلة التي سيواجهها إيلون ماسك أن الكفاءة ليست مشروعاً مرحلياً بل رحلة مستمرة، لا تتوقف، يصاحبها رؤية جادة في رفع كفاءة الأداء، وتعزيز استخدام التكنولوجيا، وكل ما من شأنه تعزيز الإنتاجية، وتجويد المخرجات.

«وزارة إيلون ماسك» سوف تنتهي في عام 2026، ونظراً لطبيعة كيانها غير المألوف، فإنه من المرجح أن تواجه صعوبات مع الأجهزة الحكومية، وهو ما حدث عام 1982، عندما أقدم الرئيس ريغان على تشكيل لجنة، يرأسها رجل الأعمال جيه بيتر غريس لخفض الإنفاق.

ولكن بعد تطوع 150 شخصاً، لم تتمكن من تمرير عدد من توصياتها البالغة 2500 بند، بسبب أنها تتطلب تشريعات من الكونغرس، فلم ترَ النور.

في بلدان العالم الثالث حينما يمتلك متخذ القرار سلطات أوسع يمكنه خلق تيار إصلاحي جارف، لا يوقفه شيء حينما يدرك أن خيرة رجال الدولة المخلصين قد أجمعوا على إصلاحات مطلوبة لتحقيق الكفاءة والازدهار، شريطة ألا يكون هناك تعارض مصالح بين التجار وتوصياتهم.

معظم حكومات العالم استفادت من القطاع الخاص، غير أن الاستفادة الحقيقية هي المستدامة، التي تنقل الخبرات والمهارات لكوادرها الحكومية وأنظمتها، فليس المقصود الاستفادة المؤقتة كبناء نفق، أو جسر، أو مطار وغيره بالاستفادة من نقل أمور يمكن غرسها في الأنظمة الحكومية.

على سبيل المثال تطورت الحوكمة لدى الشركات المدرجة في البورصة بشكل غير مسبوقة، وهي فرصة يمكن نقل أحدث تطوراتها إلى الجهات الرقابية والمراجعة.

كما أن آلية اتخاذ القرار والصلاحيات حينما تنجح في مؤسسة خاصة فإن نقلها لجهات حكومية شبيهة يفيدها، مثل الملاحة، والنقل، والطيران، والخدمات اللوجستية، وإدارة الموانئ، والطاقة المتجددة.

وعند الحديث عن كفاءة الوزارات حول العالم، فلا بد من التفريق بين مفهومي الكفاءة والفعالية، ذلك أن «الفعالية» effectiveness تعنى الوصول إلى الوجهة المقصودة، في حين أن «الكفاءة» efficiency تعني إيجاد أفضل الطرق لبلوغ وجهتنا، الكفاءة أو ما يسمى أحياناً بالفاعلية تعني تحقيق مبتغانا بأقل الموارد المتاحة والجهد والوقت.

والكفاءة ليست مقصورة بالمنظمات، بل حتى الأفراد، فلا بد من التمييز بين الشخص المنتج وغير المنتج. في الإدارة مثلاً يمكن أن نقيس كفاءة كل عضو لجنة.

وذلك بقسمة عدد مقترحاته إلى عدد القرارات، التي وافقت عليها اللجنة، فإذا قدم الفرد أربعة مقترحات من أصل 10 قرارات اعتمدت، فإن كفاءة أدائه تبلغ 40 في المائة، وهي نسبة كبيرة جداً.

هذا الفرد قد يكون متفانياً لأنه ينجز ما لا ينجزه ثلاثة أفراد، وهو ما يحاول إيلون ماسك وغيره الوصول إليهم، ليأخذوا المكانة الإدارية اللائقة بجهودهم. هكذا تنهض المؤسسات وتتقدم.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved