![](screens/news/2473_1707135913_061cl012.jpg)
مع دخولنا سنة 2025، تكتسب المسؤولية المجتمعية للمؤسسات زخماً غير مسبوق في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة بعد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن 2025 هو «عام المجتمع». جاء هذا الإعلان ليبرز التزام دولة الإمارات الراسخ تعزيز التكافل المجتمعي، وترسيخ الشراكة بين القطاعات المختلفة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة. وفي هذا السياق، تصبح المؤسسات، سواء كانت حكومية أو خاصة، شريكاً أساسياً في صوغ مستقبل أكثر ازدهاراً للمجتمع.
يأتي إعلان «عام المجتمع» ليؤكد أن التنمية الحقيقية لا تقتصر على النمو الاقتصادي، بل تمتد أيضاً إلى بناء نسيج اجتماعي متين يرتكز على التعاون والتضامن، وهنا يبرز الدور المحوري للمؤسسات التي لم تعُد تُقاس نجاحاتها فقط بتحقيق الأهداف ذات العلاقة المباشرة بنشاطاتها، بل أيضاً بقدرتها على إحداث تأثير إيجابي في المجتمع يفوق حدود الاختصاصات التي أنشئت من أجل ممارستها.
إن التوجه الاستراتيجي لدولة الإمارات نحو تعزيز المشاركة المجتمعية يفتح الباب أمام المؤسسات لإعادة تعريف أدوارها، لتتجاوز مسؤوليتها التقليدية نحو نهج أكثر تكاملاً، يدمج التنمية الاقتصادية في الرفاه الاجتماعي، وهذا يتطلب منها الاستثمار في مشاريع مُستدامة، تدعم الصحة والتعليم، وتُعزز الإبداع والابتكار، وتوفر فرصاً للشباب، وتُمكنهم من الإسهام الفاعل في بناء المستقبل.
في عالم اليوم، لا يمكن للمؤسسات العمل بمعزل عن محيطها الاجتماعي، فنجاحها يعتمد على استقرار المجتمع وازدهاره، والعكس صحيح. من هذا المُنطلق لا تُعد الشراكة بين المؤسسات والمجتمع خياراً، بل هي ضرورة استراتيجية يفرضها الواقع المعاصر لتحقيق التطور المُستدام.
تتضمن هذه الشراكة عدة أبعاد رئيسة، يمكن توضيحها على النحو الآتي:
1.التعليم وتنمية المهارات: يمكن للمؤسسات الإسهام في دعم التعليم عبر الشراكة مع المدارس، والجامعات، والمؤسسات الأكاديمية المختلفة؛ لتقديم منح دراسية، أو تطوير برامج تدريبية تُسهم في إعداد الكوادر الوطنية الشابّة، بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل المستقبلية.
2.الاستدامة البيئية: تتحقق بتبنّي المؤسسات مُمارسات صديقة للبيئة، مثل الاستثمار في الطاقة المُتجددة، وتقليل الانبعاثات الكربونية؛ بما يعزز من دور المؤسسات في دعم جهود دولة الإمارات في مجال التنمية المُستدامة في القطاعات الحيوية المختلفة.
3.دعم ريادة الأعمال: تمكين الشباب، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر توفير الدعم المالي واللوجيستي؛ ما يُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي على حدٍ سواء.
4.الابتكار الاجتماعي: الاستثمار في الحلول الذكية، وفي المشاريع ذات العلاقة بالتحول الرقمي لخدمة المجتمع، مثل تطوير تطبيقات للصحة والتعليم، إلى جانب دعم المشاريع التي تُعزز جودة الحياة.
إن تسمية 2025 بـ«عام المجتمع» هي دعوة مفتوحة لجميع المؤسسات في الدولة لتكون أكثر تفاعلاً مع المجتمع، وأكثر التزاماً بمسؤولياتها تجاهه. إنها فرصة لإعادة صوغ علاقة الشراكة بين المؤسسات والمجتمع، لتصبح شراكة قائمة على التفاعل المستمر والبنّاء، وليس مجرد مُبادرات عابرة. وفي هذا الشأن يمكن للمؤسسات التفكير في إطلاق برامج لدعم الفئات الأكثر احتياجاً، وتعزيز العمل التطوعي، وتوسيع نطاق المسؤولية المجتمعية في القطاع الخاص، وتحفيز المؤسسات على تقديم إسهامات ذات أثر إيجابي مُستدام.
ختاماً، نوّد أن نبيّن ما يقوله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بشأن وصف سنة 2025: «يمثل هذا العام فرصة لكل من يعد الإمارات وطناً له لتفعيل القيم المجتمعية، والمبادرة من أجل مجتمع مزدهر يعمل بروح واحدة لبلوغ تطلعاته، وصون هويته وقيمه، والحفاظ على استدامة موارده للأجيال القادمة». تأسيساً على ذلك ستظل المؤسسات والمجتمع وجهين لعملة واحدة، فلا يمكن لأي مجتمع أن ينهض من دون دعم مؤسساته، ولا يمكن لأي مؤسسة أن تنجح من دون بيئة مجتمعية مستقرة ومزدهرة. إن العام الحالي يمثل فرصة ذهبية لجميع المؤسسات في دولة الإمارات لإثبات التزامها الحقيقي تجاه المجتمع، والإسهام الفاعل في بناء مستقبل مُشرق للأجيال القادمة.