بقلم : خليل الذوادي
.........................
نحن جميعاً ننتمي إلى أُمة، وغيرنا ينتمي إلى أُمة أخرى، فنحن أُمة العرب وطنياً وقومياً، لكننا أيضاً في مكوننا العقيدي والإنساني ننتمي إلى الأُمة الإسلامية، أما الأُمم الأخرى فتربطنا بهم علاقات اقتصادية وسياسية وإنسانية، والتفرد في الأُمة يعني أن لها سماتها وخصائصها وتفاصيل تشكيلها وهذا ما يُميزها عن سواها، وتعاونها مع الأُمم الأخرى لا يلغي وجودها وتفردها وعلينا أن نحترم الآخرين، قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكُم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» سورة الحُجرات الآية 13.
كانت الحضارات القديمة تأخذ من بعضها وأسبقية حضارة عن حضارة مرهون بالتطور الزمني، وتراكم الحضارات دليل تفرد وطن عن وطن، فهناك في عالمنا العربي شهدنا حضارات قديمة كانت لها امتداداتها وتواصلها مع الحضارات، فالحضارة الفرعونية (المصرية القديمة) وحضارة وادي الرافدين آشور وبابل بالعراق وحضارة ديلمون في البحرين، أثبتت الشواهد على التواصل بين الحضارات والحضارة الفينيقية في بلاد الشام، وحضارة الأنباط «التي قامت في صحراء النقب وسيناء والأردن وأجزاء من شمال شبه الجزيرة العربية»، وشواهد هذه الحضارات لازالت قائمة وإن حاولت بعض الجهات المغرضة طمسها وإخفاء معالمها.
ونحن مع اقتناعنا بهذا الموروث الحضاري الذي يضمنا من الخليج العربي حتى المحيط مؤمنون بأن رسالة هذه الأمة يحتم عليها التعاون وتجاوز السلبيات ومواجهة المخاطر المحدقة بنا، وأخذ الحيطة والحذر من كل ما قد يُسيء إلينا ويدق أسفيناً بين بلداننا وشعوبنا..
مرت الأُمة بظروف، ونمر نحن بظروف قد تكون مماثلة أو أشد، قد يكون قد دب اليأس إلى النفوس، وبدأنا كما يقال بجلد الذات، ونحن بين شد وجذب تتقاذفنا الأمواج العاتية ونحس بأننا أُمة على هامش الحياة. وأسوأ شيء أن يدب اليأس إلى النفوس، فقديماً قال الزعيم السياسي المصري مصطفى كامل باشا «لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس»..
من زار بلداناً كثيرة في الشرق والغرب لا شك لمس شواهد إنجازات الماضين من أبناء أُمتنا، ومن حضر ندوات فكرية وعلمية استمع إلى أقوال بعض المنصفين وهم يُشيدون بفضل العلماء العرب والمسلمين على الحضارات الأخرى، بل إن بلداناً في آسيا وأفريقيا وأوروبا وجدت بصمات وشواهد على ما قام به السابقون من إنجازات، ونحن مع إيماننا بكل ذلك إلا أننا أيضاً نتمثل بقول الشاعر:
ليس الفتى من قال كان أبي
إن الفتى من قال ها أنا ذا
وقال الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه «كن ابن من شئت واكتسب أدباً، يُغنيك محموده عن النسب»، فواقع الحال يفرض علينا أن نهتم بأنفسنا وبالمبدعين من أبناء أُمتنا وحسناً فعلت جمهورية مصر العربية في مطلع هذا الشهر نوفمبر باحتضان منتدى شباب العالم في مدينة شرم الشيخ «مدينة السلام» خلال الفترة 3-6 نوفمبر 2018م تحت رعاية عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الذي شارك في جميع المنتديات التي أُقيمت بمداخلات فخامته المؤثرة والشفافة والمبشرة وبتناول قضايا الساعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتعليمية والتربوية وباستضافة علماء ومُربين ومُفكرين وسياسيين في حوار يمكن وصفه «بالمستقبلي» لدور الشباب الفاعل والمؤثر والمأمول منه الكثير.
كما احتضنت بلداننا العربية الكثير من الندوات والمحاضرات والمؤتمرات التي تتكلم عن المستقبل ودورنا فيه ومن بينها حوار المنامة خلال الفترة 26-28 أكتوبر 2018م الذي يُنظم سنوياً في عاصمة مملكة البحرين المنامة ويجتمع فيه عشرات من المسؤولين الرسميين ورجال الأعمال والشخصيات الدولية بتنظيم من وزارة الخارجية بالمملكة والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS.
كما استبشرنا خيراً بإطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة أول قمر صناعي عربي بأيد شباب إماراتي مؤمن برسالته وبدعم من قيادته الحكيمة التي راهنت على قدرات ومواهب وإبداعات الشباب، كما أسعدنا كثيراً توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء بمملكة البحرين ومركز محمد بن راشد للفضاء بدولة الإمارات العربية المتحدة، كما سررنا بمذكرة التفاهم بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية في مجالات علوم الفضاء.
إنها إنجازات يحق لنا أن نسجلها باعتزاز لنبني عليها وننطلق إلى آفاق أوسع وأرحب تحفظ لنا شبابنا وتبني لهم المستقبل، فنحن أُمة تستحق أن تعيش، واللحاق بالعلوم الحديثة هي من متطلبات العصر الحديث الذي علينا أن نأخذ بأسبابه ونتيح المجال لأبنائنا للإبداع فيه والاستفادة من تجارب الشعوب في تفاعل يُبني على الاحترام المتبادل.
إننا بعد أيام قليلة سنحتفل بثمرات المشروع الوطني الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المُفدى حفظه الله ورعاه، وستنطلق مملكة البحرين إلى مراقي الديمقراطية، وشبابنا وأهلنا من كل الأعمار والجندر ولله الحمد أقدموا في المدن والقرى على هذه المرحلة بكل حماس وغيرة وطنية مشهود لها كمرشحين وناخبين للمجالس البلدية والمجلس النيابي فهنيئاً لكل مواطن حر شريف يؤمن بالوطن أرضاً وتراباً وأخذاً وعطاء.