عادل السنهورى
...............................
ما زال الحديث متواصلا عن الصناعة المصرية..وماذا يحقق الإنتاج الصناعى من توفير السلع الأساسية المطلوبة؟.. هذا هو السؤال من وراء الدعوة الدائمة والحاجة الملحة للنهوض بالصناعة.
فقد انطلقت مصر بقيادة القطاع العام نحو تحقيق نسبة نمو من عام ١٩٥٧ – ١٩٦٧ بلغت ما يقرب من ٧٪ سنويا، وانطلقت بقوة بهدف توفير الإنتاج الصناعى لكل السلع المطلوبة والأساسية وهو ما يحقق ٣ أهداف مهمة.. أول هدف من أهداف التصنيع هو إتاحة فرص عمل لأكبر عدد ممكن.
بالفعل.. وصل عدد العاملين فى القطاع العام فى عهد عبدالناصر إلى نحو ٩٠٠ ألف عامل..أما الهدف الثانى فهو أن الصناعة بطبيعتها تعطى دخلا يرفع من مستوى الدخل العام وهو من الأهداف الاجتماعية للصناعة، والهدف الثالث هو الاستقلال الاقتصادى.. وعدم الاعتماد على الخارج، فحتى أثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣ كانت مصر تعتمد على نفسها اقتصاديا.
هنا يقول الدكتور عزيز صدقى، رئيس الوزراء - رحمه الله - في حوار منشور عام ٢٠٠٤ «أذكر أنه قبل حرب ١٩٧٣ طلبنى الرئيس السادات لتجهيز الدولة لدخول الحرب.. وكنا نعيش فى ظل حصار اقتصادى، والوضع الاقتصادى بشكل عام كان سيئا، وفى ظل هذا كان مطلوبا منى إعداد الدولة اقتصاديا للحرب، وذلك بالتعامل على أنه فور بدء الحرب لن نستطيع شراء أى شىء من الخارج، وقد يستمر ذلك شهرا أو اثنين أو ثلاثة، ما يعنى حتمية توفير احتياجات البلد كاملة من الداخل، وبالدراسة توصلنا إلى أن ننتج ما يجعلنا نستمر فى الاعتماد على أنفسنا لمدة ٤ أشهر دون استيراد حتى ولو شمعة من الخارج، والأهم أن كل هذا تم دون أن يشعر الشعب بأى شىء، لم تكن هناك بطاقة أو طابور».
كانت الخطة الموضوعة هى الاعتماد على طاقتنا المحلية فى توفير كل الاحتياجات وعمل مخزون استراتيجى للسلع بالشكل الذى أدخلنا الحرب وخرجنا منها دون حدوث أى أزمات داخلية.
يضيف عزيز صدقى: «حققنا بهذا الأمن الاقتصادى، ولو لم يكن لدينا هذه القدرة، كنا سنضطر إلى الاستيراد من الخارج لكى نحارب، وبالطبع كان من الممكن ألا يحدث هذا، وبالتالى لا تكون هناك حرب».
هنا تكمن القوة الاقتصادية التى تمنح القوة والقرار السياسى زخما وثقة، اعتمادا على القدرة الذاتية، ويبقى دور التصنيع هو الأساس.. فقد حاربت مصر فى ١٩٧٣ اعتمادا على إنتاجها المحلى بشكل كامل، ولم تستورد أى شىء، واجتازت الحرب ولم يشعر الشعب المصرى بأى أزمة داخلية، وهذا دليل نجاح على أهمية وجود القاعدة الصناعية التى لبت احتياجات الشعب.
فى المجمل.. وجود قاعدة صناعية للبلاد يمنحها القوة والاستقلالية والاعتماد على الذات.. وكما يؤكد أبو الصناعة المصرية فإن الاعتماد على الذات أمر ليس صعبا وهذا ما تفعله الدول فى كل مكان وزمان.
ما أريد قوله.. إن استنساخ التجربة ليس شرطا لنجاحها الآن، لكن دراستها والاستفادة منها هو المهم بالتواصل مع أدوات الحاضر والأخذ بأسباب المستقبل.. والوطن من وراء القصد.