خليل الذوادي
...............................
احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة هذا العام 2018م بمئوية المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم أبوظبي طيَّب الله ثراه المولود في 6 مايو 1918م، وهو احتفال تعدى في صداه إلى دول شقيقة أخرى، لما له يرحمه الله من مكانة رفيعة في قلوب أهله في وطننا العربي والإسلامي، فهو بحق رجل السلام، ورجل الخير، ورجل المواقف الوطنية والقومية والإنسانية المشهود لها.
وليس بغريب أن تحتفل جمهورية مصر العربية بمئوية المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد كان أبو خليفة من الذين ربطتهم علاقات وثيقة بالزعيم الخالد جمال عبد الناصر، والرئيس محمد أنور السادات بطل نصر أكتوبر، وكانت مواقف دولة الإمارات دائماً مع مصر العروبة القلب النابض لأمتها العربية، وقد أحسنت صنعاً مؤسسة الأهرام المصرية في حفلها القومي بمناسبة مئوية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بعنوان «زايد في قلوب المصريين» وذلك مساء يوم الأحد 25 نوفمبر 2018م والذي أُقيم تحت رعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبحضور معالي الدكتور المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس وزراء مصر وبحضور عدد من الوزراء والسفراء والمفكرين المصريين والعرب.
والشيخ زايد مكانته رفيعه في نفوسنا نحن أبناء مملكة البحرين الذين استمديناها من العلاقة الوثيقة التي كانت تربط حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المًفدى حفظه الله ورعاه بسمو الشيخ زايد وأنجاله الكرام، فكانت العلاقة بين البلدين الشقيقين مثالاً يُحتذى به في العلاقات بين الدول، إن على الصعيد السياسي والاقتصادي والتنموي والاجتماعي والثقافي والتعليمي والتربوي أو مجالات البذل والعطاء من أجل استقرار وأمن بلادنا، والدفاع عن الحق والشرعية فاختلطت دماؤنا وتوحدت أهدافنا وغاياتنا، فنحن ولله الحمد نعيش في ظل قيادتين تُدركان عُمق العلاقات بين الأشقاء وكيف تترجم إلى واقع عملي ملموس.
إن البحرينيين الذين كان لهم شرف الانضمام إلى كوكبة من المدرسين العرب عندما بدأت أبوظبي انفتاحها على التربية والتعليم واللحاق بركب العلم، فكانت البحرين قد اختارت أفضل مدرسيها للعمل في سلك التعليم بأبوظبي، وكان هذا الرعيل الأول خير مثال لإبراز مجال التعاون بين الشقيقين بكل إخلاص وتفانٍ، وقد شهد أبناء أبوظبي بخبرات وإخلاص هؤلاء المدرسين، وكان سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يستقبل هؤلاء المدرسين في ديوانه العامر مع المواطنين الذين يفدون إلى مجلسه في كل الإمارات، وكان مجلس سموه يرحمه الله في قلب مدينة أبوظبي قد شهد انفتاح سموه على المجتمع والاستماع إلى مطالب المواطنين والسهر على مصلحتهم وما يُيسر أمورهم، فكان الراحل الكبير يحظى بمكانة رفيعة في نفوس أبناء الإمارات والزائرين إليه، فقد كان يرحمه الله القائد المُلهم الذي تجمعت حوله القلوب والأفئدة، وكان يحظى بمكانة عربية وإقليمية ودولية، وأثبت كقائد ورئيس دولة إنجازات بارزة وظاهرة للعيان لبلاده ولكل البلدان التي كان لدولة الإمارات العربية المتحدة علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وإنسانية وشهد بها الجميع، كما أننا نلمس ذلك على أرض الواقع في دولة الإمارات العربية المتحدة حتى اليوم مما ينهض دليلاً على أن أبناء زايد الخير حملوا الأمانة التي أولاهم إياها الوالد، والد الجميع الذي لا تُنسى مواقفه الوطنية والقومية.
فقد وضع يرحمه الله نصب عينيه تطوير بلاده وتبؤها المكانة التي تليق بها، وحرص على أن يعيش المواطن الإماراتي آمناً ومستقراً ومساهماً في بناء الوطن من خلال توفير سُبل العيش الرغيد والحرص على العلم والمعرفة وتوطيد العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل بما يعود على أمته العربية والإسلامية بالخير وعلى عموم العالم متطلعاً رحمه الله لبناء العلاقات القائمة على الاحترام وإعلاء شأن الإنسانية، فهو بحق رجل السلام الذي علينا دراسة سيرته العطرة.
كما لا ننسى جهود سموه في مساعدة الدول العربية والإسلامية والأفريقية الأكثر احتياجاً على معالجة مشاكلها الاقتصادية من خلال المشاريع التنموية القومية والإنسانية عبر صندوق أبوظبي للتنمية ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية.
أليس هو القائل رحمه الله: «إن الخير الذي هو في باطن الأرض قد وضعناه فوق الأرض ليعم الخير الجميع»، فهو الإنسان الذي وقف مع أمته في السراء والضراء، وإن الأحداث الجسام التي مرت على المنطقة لا تُنسينا مواقف دولة الإمارات العربية المتحدة التي آمنت بالسلام واعتبار الحوار اللغة الأسمى والأجدى والبديل لإدارة الأزمات، حيث اتبع الشيخ زايد نهجاً سياسياً مبنياً على تحكيم العقل ومناصرة الحق وتحقيق العدالة السياسية والاجتماعية، وكان سموه يرى أن السلام هو الوسيلة الوحيدة لتقدم البشرية وتحقيق التنمية البشرية المستدامة على المستوى الوطني والقومي والإنساني.
لقد كان للمغفور له مواقف لا تُنسى لدى شعب مجلس التعاون فقد عمل سموه رحمه الله بكل تفانٍ وإخلاص مع قادة دول الخليج العربي بالإعلان في 25 من مايو 1981 في مدينة أبوظبي عن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية وظل سموه يرحمه الله يدعم ويبارك مجلس التعاون الذي كان يؤمن بدوره في دعم وتآزر العمل المشترك بين دوله من أجل تحقيق طموحات الشعب، وكون المجلس من الروافد المهمة في بناء أسلوب العمل العربي المشترك ونصرة الأمة العربية وخصوصاً قضية فلسطين العادلة.
إننا اليوم نشهد هذه الإنجازات الرائعة في دولة الإمارات العربية المتحدة ونشعر بأن الخير في هذه الدولة هو خير لأشقائها في الخليج العربي وأمتها العربية، وإن اعتماد هذه الدولة على أبنائها وتوفير أسلوب الحياة القائمة على العلم والمعرفة ومجاراة تقنيات العصر بما يعود بالخير على الأداء الحكومي والقطاع الخاص إنما يعتبر مثالاً لتحقيق التنمية البشرية المستدامة، وهي دروس حرص سموه يرحمه الله أن تؤتي ثمارها في المستقبل...
فأبناء زايد الذين ساروا على نهجه في البناء والتعمير والإصلاح إنما يصنعون المستقبل وينظرون بعيون واعية ومُستنيرة لخير الإمارات وتبؤها المراكز المتقدمة، رحم الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأسكنه فسيح جناته.