فاروق جويدة
..................
لايوجد عالم كبير فى العالم العربى لم يتلق العلم فى رحاب الأزهر الشريف ولايوجد مثقف عربى كبير لم يتخرج فى جامعة القاهرة وكانت مصر هى المنارة فى كل شىء فى الدين والثقافة والفكر والإبداع والفنون.. وحين تراجع دورنا الثقافى وجدنا من يشكك فى مصادرنا ومؤسساتنا رغم أن الجميع كان يسمع منا دائما وحين كانت القاهرة تتكلم كان العالم يسمع.. ولهذا تعجبت من السجال والجدل الدائر فى قضايا دينية مثل قضية الميراث وهى قرار إلهى فى القرآن الكريم ولا مجال للاجتهاد فى نص قرآنى.. ورغم أن القضية كانت فى تونس الشقيقة فإنها تفجرت فى قاهرة الأزهر بين علماءه الأجلاء.. وفى الماضى كان الجميع يعود إلى الأزهر حين تختلف الآراء وتتعارض الحجج وكان الأزهر هو الملاذ الآمن فى كل ما يخص قضايانا الدينية ولكن المعركة الأخيرة حول الميراث بين علماؤنا كانت شيئا لا يتناسب مع مكانة الأزهر ولكنه الإعلام الذى يجيد إشعال الحرائق..كان رأى الأزهر الشريف يكفى بحيث لا يكون من حق المغامرين أن يتجاوزوا حدود الله فى نص قرأنى واضح وصريح.. إن الأزمة الحقيقية أننا فرطنا فى أدوارنا وأصبح من السهل أن يتطاول البعض علينا أمام خلافات وصراعات علنية فوق الشاشات وعلى صفحات الجرائد.. إن الأزهر ليس فوق الحوار لكنه فوق التطاول والتشكيك وإهدار قيمة العلم والعلماء.. إننى أحزن الآن إذا رفضت جامعة عربية أو أجنبية الاعتراف بشهادة طبيب أو مهندس أو عالم مصرى لأننا فى يوم من الأيام كنا مصدر التقييم والآن جاء من يتطاول علينا.. إذا كانت هناك آراء متعارضة فى قضية دينية فهناك فى الأزهر الشريف وجامعته العريقة من لديه الجواب ويجب أن يكون الحوار داخل غرفنا ومؤسساتنا وليس على شاشات الفضائيات إن كل الدول العربية تحترم مؤسساتها وعلماءها ورجال الفكر فيها لكننا فى مصر الآن نجد من يشوه كل شىء بالحق والباطل وقد تركنا الحبل على الغارب لأن نصف المصريين الآن يفتى فى الدين والنصف الآخر يحترف الفن الهابط أما مصادر المعرفة الحقيقية فهى فى إجازة.. أعيدوا لمصر ريادتها.