يحيي العالم بعد غد ( الأحد) اليوم الدولي لمكافحة الفساد الذى يحمل هذا العام 2018 شعار "الفساد: عائق لأهداف التنمية المستدامة"، وتركز الحملة العالمية هذا العام علي كيفية تأثير الفساد على التعليم والصحة والعدالة والديمقراطية والازدهار والتنمية.
وجاءت أول خطوة ملموسة نحو محاربة الفساد الدولي عندما أقرت الأمم المتحدة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد(UNCAC) (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد) في ديسمبر 2003. التي تم إعدادها في 31 أكتوبر 2003 بالقرار 58/4.
وحددت الجمعية أيضا 9 ديسمبر يوما دوليا لمكافحة الفساد، لزيادة الوعي بالفساد ودور الاتفاقية في مكافحتها ومنعها.
واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هي معاهدة بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، تم توقيعها في 9 ديسمبر ، ودخلت حيز التنفيذ اعتبارًا من 14 ديسمبر 2005 تلزم المعاهدة بشكل قانوني الدول الأعضاء باتخاذ خطوات نحو الحد من الفساد وفرض القانون، وهناك خمس نقاط رئيسية أكدتها الاتفاقية : اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع الفساد ؛ إنفاذ القانون والنظام ؛ التعاون دوليا للحد من الفساد ؛ استرداد الأصول وعودتها إلى بلد المنشأ ؛ تقديم المساعدة الفنية وتبادل المعلومات.. كما أن اليوم 186 دولة طرف في المعاهدة التي تضم 140 موقعًا و30 تصديقًا جنبا إلى جنب مع الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة.
إن الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان.. فالفساد يقوض المؤسسات الديمقراطية ويبطئ التنمية الاقتصادية ويساهم في عدم الاستقرار الحكومي. وتعاني التنمية الاقتصادية من التقزم لأن من المستحيل التغلب على "تكاليف البدء" المطلوبة بسبب الفساد .
وكانت هناك العديد من العوامل التي أدت إلى تشكيل منصة دولية مشتركة لمحاربة الفساد ومراقبة يوم مخصص للقضية لخلق الوعي بين أعضاء الحكومة والجمهور العام.ويمثل الفساد أكبر تهديد لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030.. إن المبلغ الإجمالي المفقود بسبب الفساد مقلق ويحتاج إلى تدابير وقائية فورية إذا أريد تحقيق هدف التنمية المستدامة .
ووفقًا لتقديرات سنوية للأمم المتحدة ، يتم دفع 3.6 تريليون دولار في شكل رشوة وسرقة على مستوى العالم من خلال الفساد ؛ الذي يساوي أكثر من 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
إن آثار الفساد تدوم لفترة طويلة ، حيث تواجه الأجيال بعد الأجيال الفقر والحرمان والبطالة والأمية. التي كانت نتائج الفساد. يستنزف الفساد اقتصاد الأمة ، مما يجعل الفقراء أكثر فقرًا وضعفًا في غياب وسائل الراحة الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه والكهرباء وما إلى ذلك. والفساد هو العقبة الرئيسية أمام نمو دولة متقدمة أو متقدمة. فالفساد يقيد النمو ويؤدي إلى تدهور حالة القانون والنظام. إن الأموال التي يتم تحايلها بالوسائل غير القانونية تؤدي إلى تدهور الصحة والتعليم وتراجع الاقتصاد العام للأمة. كما أنه يقيد النمو الصناعي عن طريق تثبيط الشركات الناشئة الجديدة ؛ التي تجد أنه من المستحيل القيام بأعمال تجارية بسبب زيادة التكلفة بسبب الفساد.. وإذا تركت دون أن يلاحظها أحد ، فإن الفساد يحول بيروقراطية الدولة إلى أرض خصبة للممارسات الفاسدة وغير القانونية. حيث يصبح الدافع الكامل وراء وجود البيروقراطية هو الحصول على رشوة من خلال توفير منافع فردية.
وكشف تقرير أصدرته منظمة الشفافية الدولية ، ويظهر فيه مؤشر مدركات الفساد 2017، أن ثلثي دول العالم يثقل كاهلها الفساد ، وحققت ثلثا دول العالم أقل من 50 درجة في هذا المؤشر. ويتولى المؤشر تصنيف 180 بلدًا وإقليمًا، وفقًا لمدركات انتشار الفساد في قطاعها العام استنادًا إلى آراء الخبراء والمسؤولين، حسب مقياس يتراوح بين 0 و100 نقطة، حيث تمثل النقطة الصفر البلدان الأكثر فسادًا، في حين تمثل النقطة 100 البلدان الأكثر نزاهة.
يشار إلى أن مؤشر الفساد يعتمد في قياسه على بعض السلوكيات المرتبطة بالفساد كالرشوة واختلاس المال العام، واستغلال السلطة لمصالح شخصية، والمحسوبية في الخدمة المدنية.. كما تقيس بعض البيانات الآليات الموضوعة لمكافحة الفساد مثل آليات محاسبة المسؤولين الفاسدين وقدرة الحكومة على تطبيق آليات تعزز النزاهة، ووجود قوانين كافية حول الإفصاح المالي ومنع تضارب المصالح.
ويظهر التقرير تعثر جهود الدول في مكافحة الفساد بينما التقدم الذي أحرزته عدة بلدان في هذا المجال خلال السنوات الست الماضية كان ضعيفًا، إن لم يكن منعدمًا. ويكشف هذا المؤشر عن معلومات تبعث على القلق، فعلى الرغم من مساعي محاربة الفساد في مختلف أنحاء العالم، إلا أن جهود معظم الدول تبقى متعثرة. والأدهى من ذلك أن التحليل المفصل لنتائج المؤشر قد كشف أيضًا أن معظم البلدان تتدنى فيها مستويات حماية الصحافة والمنظمات غير الحكومية هي التي تتصدرأعلى معدلات الفساد.
وجاء في التقرير أقل الدول فسادًا في العالم لعام 2017، إعتمادًا على مستوى الفساد وندرة الرشوة والمحسوبيات وجاءت الدول الـ 20 الأولى بالترتيب هي: نيوزيلندا ؛ الدانمارك؛ فنلندا؛ النرويج؛ سويسرا؛ سنغافورا؛ السويد؛ كندا؛ لوكسمبورغ ؛ هولندا ؛ المملكة المتحدة؛ ألمانيا؛ أستراليا؛ هونغ كونغ؛ أيسلندا؛ النمسا؛ بلجيكا ؛ الولايات المتحدة الأمريكية ؛ أيرلندا ؛ اليابان.
وكشف التقرير على مستوى المناطق، حيث سند أفضل معدل لمنطقة أوروبا الغربية، حيث بلغ معدل درجاتها 66 نقطة ؛ أما عن المناطق التي حصلت على أسوأ الدرجات فهي كل من إفريقيا جنوب الصحراء (معدل الدرجات:32 نقطة) وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى (معدل الدرجات: 34 نقطة).
وحول الدول الأكثر فسادًا ، جاءت الدول الـ 20 الأخيرة في الترتيب وهي: كمبوديا ، والكونغو الديمقراطية وجمهورية الكونغو وطاجكستان في المركز 161 عالميًا؛ ثم تشاد وأريتريا في المركز 165؛ أنجولا وتركمانستان في المركز 167؛ العراق وفنزويلا في المركز 169؛ ثم غينيا بيساو وكوريا الشمالية وليبيا في المركز 171 عالميًا؛ فالسودان واليمن 175؛ أفغانستان 177؛ سوريا في 178؛ جنوب السودان 179، وجاءت الصومال في المركز الأخير 180 عالميًا.
يذكر أن منظمة الشفافية الدولية أطلقت مؤشر مدركات الفساد سنة 1995 ليصبح أحد أهم إصدارات منظمة الشفافية الدولية، وأبرز المؤشرات العالمية لتقييم انتشار الفساد في القطاع العام. ويعطي المؤشر لمحة سنوية عن الدرجة النسبية لانتشار الفساد من خلال تصنيف البلدان في مختلف أنحاء العالم.