الشعور بالحرقة في المريء، صعود الحموضة إلى مستوى الحلق، وغيرها من الأعراض الناتجة عن مشاكل في الجهاز الهضمي، كيف يجب التعامل معها؟ الجواب في الآتي:
الصمام المضاد للارتجاع المريئي يمنع محتوى المعدة الحمضي من الصعود إلى المريء. فإذا كان فائضاً ولو حتى قليلاً، فإنَّ الأنظمة الدفاعية المختلفة سوف تلعب دوراً بهذا الخصوص.
و"يفرز جدار المريء مخاطاً يحميه ضد الإيونات الحمضية، وفي الأسفل تكون خلايا الغشاء المخاطي مرتبطة ببعضها البعض جيداً لتشكيل حاجز أمام الجزيئيات الحمضية"، حسبما توضح د. مارتينا كوتينا أخصائية الجهاز الهضمي ومؤلفة كتاب "عالج الارتجاع المريئي بطريقة طبيعية"، و"أطباق صغيرة لذيذة المذاق لمحاربة الارتجاع".
الحلقة المفرغة والدائرة الشرسة للارتجاع المريئي
المشكلة: هناك بعض الأشخاص الذين لا تعمل دفاعاتهم المناعية بشكل جيد. "تحت تأثير التوتر، أو عدم التوازن الميكروبي، أو عند اتباع نظام غذائي سيء، وإيضاً بسبب عدة عوامل أخرى، فإن الغشاء المخاطي يتغير ولا تعود خلايا المريء مشدودة. وهذه بالتالي تتعرض إلى هجوم الإيونات الحمضية"، تضيف الطبيية الأخصائية. وهنا تبدأ الحلقة المفرغة للارتجاع: لكي تدافع عن ذاتها، فإنَّ هذه الخلايات تفرز جزيئيات التهابية هي السيتوكينات والتي تعمل على تغيير الوظيفة الحركية للمريء والعضلة، وبالتالي تعزز الارتجاع المريئي، وأضف إلى ذلك أنَّ الإجهاد التأكسدي يولّد الجذور الحرّة التي تضرُّ الخلايا؛ ولكن مع اختيارنا لنظام غذائي جيد، فمن الممكن العمل على هذه الآليات وتحسينها.
إصلاح المريء بواسطة مضادات الأكسدة
"الخضروات هي الحماية رقم واحد ضد ارتجاع المريء" وفقاً لما تقوله الخبيرة. فألياف الخضروات تعزز العبور المعوي، كما أنَّ العناصر المعدنية التي تحتويها تساعد الجسم على تقليل درجة حموضة الدم. وعلاوة على ذلك، فإنَّ مضادات الأكسدة التي تحتويها الخضروات تحمي بطانة المريء.
الخضروات من العائلة الصليبية والخضروات ذات الألوان الزاهية، مثل أنواع الفلفل والطماطم وغيرها ،هي الأكثر غنى بمضادات الأكسدة، ولكن من المهم التنويع في أكلها. "كلما كان هناك تنويع في تناول الخضروات، بإمكاننا أن نلعب أكثر على الميكروبيوم (الميكروبات المتعايشة مع جسم الإنسان) وهو المفتاح للصحة الجيدة" وفقاً للطبيبة. كما أنَّ الفاكهة مصدر رائع لمضادات الأكسدة. ولكن يجب عدم أكل أكثر من 2 إلى 3 حبات من الفاكهة في اليوم، لأنها غنية بالسكريات المتخمرة، ويجب أكلها بعيداً عن أوقات الوجبات الرئيسية"، تضيف الطبيبة.
تخفيف أو تهدئة العملية الالتهابية
القاعدة الإساسية للحدّ من الالتهاب، هي: تحقيق التوازن بين الأوميغا 3 (مضاد للالتهابات)، وبين الأوميغا 6 (المؤيد للالتهابات)، ويعتمد هذا على أولوية استهلاك الزيوت النباتية الجيدة: إضافة زيت اللفت، وزيت الزيتون الغني بمضادات الأكسدة والبوليفينولات إلى الطهي. كما تساعد الأوميغا 3 أيضاً على تقوية بطانة خلايا المريء التي تتألف من الدهون.
تناول الطعام بهدوء
في حالة الارتجاع المريئي، فإنَّ التوتر يعمل بمثابة الزيت على النار. "إنه يعزز تغيير نفاذية بطانة المريء وبالتالي دخول الأحماض إلى داخل الخلايا، وإبطاء تفريغ المعدة" توضح اختصاصية الجهاز الهضمي. ومن أجل استعادة الهدوء والسكينة نضع الرهان على المغنيسيوم، والذي يوجد في الجوز البرازيلي واللوز والكاجو والسردين كذلك.
كما الجلوس بعيداً عن الكمبيوتر ومضغ الطعام جيداً. "كلما مضغنا أكثر يزداد اللعاب ويزداد إنتاج البيكربونات المضادّة للحموضة والأنزيمات التي تباشر بعملية الهضم" حسبما تقول د. كوتينا. وكلما مضغنا أكثر، فإنَّ ذلك يستهلك المزيد من الوقت للأكل، حيث تبين أنه عند أكل الوجبة سريعاً جداً يزداد الارتجاع المريئي.
سهيل تفريغ المعدة
كلما تعاملنا مع وعاء الطعام بشكل أفضل، كلما قل خطر صعوده إلى الأعلى، وبالتالي علينا أن نلعب على حجم لقمة الطعام وعلى وقت الهضم. ومن هنا تأتي النصيحة بخصوص الارتجاع: تقسيم وجبات الطعام وتناول وجبتين خفيفتين.
ويجب تفادي كل ما من شأنه أن يسبب انتفاخ المعدة: كمية الماء التي نشربها مع الوجبة، والمشروبات الغازية. كما ينبغي الابتعاد عن تناول ما من شأنه أن يسرّع عملية الهضم: شرب الكحول والدهون التي تحتويها الأطباق المصنعة والانتباه كذلك إلى عدم الإصابة بالإمساك، وهذا منطقي بطبيعة الحال: "إذا كان الجزء الأسفل ممتلئاً فإن القسم العلوي من الجسم سوف يتباطأ في العمل".
اختبار مدى تحمل الجسم للأطعمة
القهوة هي على قمة لائحة الأطعمة التي تولّد التوتر والعضلة العاصرة المريئية. "لدى بعض الأشخاص، فإنَّ مجرد تناول القهوة صباحاً له تأثير سلبي عليهم. و يمكن القيام باختبار بسيط بالتوقف عن تناول القهوة لمدة 5 إلى 8 أيام"، تنصح الاختصاصية. ويمكن عمل الاختبار ذاته مع الغلوتين ومنتجات الألبان، التي يمكن أن تسبب ظاهرة الارتجاع.