يكتبها – فاروق جويدة
>>>>>>>>>>>>
بعض الناس يجب أن يكون وحيداً.. والبعض الآخر لا يستطيع أن يعيش إلا بين الناس، وفى أحيان أخرى تغيرك الأيام والظروف والبشر وتفضل أن تبقى بعيدا لأن الوجوه تغيرت والمشاعر أيضا، بل إن الأشياء حولك لم تعد كما كانت .. والوحدة إحساس نحبه أحيانا.. أن تراجع نفسك وحياتك ومشوارك وتتمنى لو أنك تجاوزت عن بعض الأخطاء التى لم تشعر بها وبقيت فى ذاكرتك، فلا أنت طلبت الغفران ولا أنت نسيتها.. وحين تجلس وحيدا يمكن أن تسقط بعض الوجوه ويمكن أيضا أن تحفظ وجوها أخرى.. والفرق بين وجه ظل فى ذاكرتك وأخر مضى أن ما يستحق البقاء يبقى، وأن ما ينبغى أن يرحل رحل.. والغريب أن هناك وجوها فارقتك واقعا ولم تفارقك وجوداُ.. إن ذاكرة الإنسان لأسباب كثيرة تطرد البعض وتظل مع البعض الآخر.. ومن أصعب الأشياء أن تجد نفسك وحيداً لأن كل شىء قد تغير.. البشر والأماكن.. والأحداث والزمن حولك.. هناك أشخاص غابوا وتركوا لك الوحشة وهناك أماكن احتلت فى خيالك مساحة كبيرة واختفت الأماكن واختفت معها الصور.. هناك أحداث فرضتها عليك الأقدار، والغريب أنها تكررت بوجوه أخرى رغم أن الزمن سرق منك أجمل الأيام وترك لك أسوأ الأحداث .. فى أحيان كثيرة أشعر بالغربة أمام الناس والأماكن والأحداث.. وهناك أترك نفسى لإحساس غامض يفرض على الانسحاب.. إن الوجوه لم تعد كما كانت ومن سكنوا القلب والمشاعر رحلوا أو غابوا، وأنا أفضل كلمة الغياب عن الرحيل .. أتذكر أحيانا وجوها شاركتنى مشوار الحياة وسنوات العمر وكان كل واحد منهم يمثل شعاعا مضيئا فى رحلة المعاناة، ولكن كانت لهم قلوب كبيرة اتسعت لكل ما هو رائع وجميل فى هذه الحياة .. ويجلس الإنسان وحيدا وهو يتذكر أحبابا وأصدقاء ورفاق مسيرة ويتعجب كيف تسرق منا الحياة أجمل ما كان لنا وتترك لنا وجوها وأشباحا، ولا نجد أمامنا غير أن نسير على شواطئ الوحدة.. ومع الزمن والأيام تصبح الشواطئ موحشة .. وما بين الوحدة والوحشة يتساءل الإنسان هل يمكن أن يكون هذا قدر عشاق الحياة..