أكد سفير المملكة العربية السعودية لدى مملكة البحرين د. عبدالله بن عبدالملك آل الشيخ ان المملكة العربية السعودية تولي اهتماما خاصا للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، لافتا الى ان السعودية تقدم كل الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية في مختلف مراحلها، ودائما ما تؤكد المملكة في المحافل الإقليمية والدولية حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة، والتأكيد على أهمية إيجاد حل عادل ودائم لقضيته.
وقال السفير السعودي في حوار خاص لـ«أخبار الخليج» حول الدور السعودي والعربي في القضية الفلسطينية ان هناك جهودا سعودية ومصرية لاحتواء الخلافات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، في حين اعتبر ان لدولة قطر دوراً هادماً تجاه القضية الفلسطينية وانها تستغل القضية الفلسطينية، وتوظفها سياسياً لمصالحها.. وهذا نص الحوار:
** في البداية نود إلقاء الضوء على طبيعة الدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية؟
القضية الفلسطينية في أولى اهتمامات المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتوليها اهتماما خاصا باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، فقد تقدمت المملكة بمبادرة سلام تبنتها قمة بيروت في عام 2002م، وحظيت بموافقة العالم الإسلامي في قمته الاستثنائية في عام 2005م في مكة المكرمة، حيث وضعت مبادرة السلام العربية خارطة طريق للحل النهائي، لجميع قضايا النزاع، وفي إطار حل الدولتين، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفق قرارات الشرعية ذات الصلة».
الدعم السياسي
وكذلك تقدم المملكة الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية في مختلف مراحلها وعلى جميع الأصعدة (السياسية والاقتصادية وغيرها)، ففي الشأن الداخلي الفلسطيني، قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتوجيه دعوة الى الفصائل الفلسطينية لحضور اجتماع المصالحة الفلسطيني في مكة المكرمة 2007م، للوصول إلى حلول عاجلة لما يجري على الساحة الفلسطينية، وتوجت تلك الاجتماعات بـ«اتفاق مكة».
ودعما لقضية فلسطين والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تسمية القمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين في إبريل 2018 «قمة القدس»، كما رفضت المملكة العربية السعودية إقرار قانون (الدولة القومية للشعب اليهودي) وأكدت أن القانون يتعارض مع الجهود الدولية لإيجاد حل سلمي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي ودعوتها المجتمع الدولي الى التصدي له.
ودائما ما تؤكد المملكة في المحافل الإقليمية والدولية حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة، والتأكيد على أهمية إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة والمبادرة العربية ليتمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة ولإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما أصدرت المملكة العديد من البيانات التي تستنكر فيها الأعمال العدوانية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، كان آخرها استنكار المملكة وأسفها الشديد لقرار الرئيس الأمريكي بشأن نقل السفارة الأمريكية للقدس، وتأمل أن تتراجع الإدارة الامريكية في هذا القرار.
الدعم الاقتصادي
وقدمت المملكة الدعم المادي والمعنوي للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ نشأت القضية الفلسطينية، وذلك في إطار ما تقدمه المملكة من دعم لقضايا أمتيها العربية والإسلامية، كما قدمت الكثير من الدعم المادي السخي للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وقد أعلنت هذا الدعم السخي من خلال القمم العربية السابقة، ومن أمثلة هذا الدعم التزام المملكة بكامل مساهماتـها المقـررة لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية، ودعمها خلال قمة (القدس) 2018 بالظهران وتبرع المملكة للسلطة الفلسطينية بمبلغ (150) مليون دولار ومبلغ (50) مليون دولار لترميم المسجد الأقصى وصيانته.
كما تبرعت المملكة بمبلغ (50) مليون دولار لمنظمة الاونروا (وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين)، وخلال العقدين الاخرين قدمت المملكة أكثر من (6) مليارات دولار للشعب الفلسطيني كمساعدات تنموية وإنسانية وإغاثية، كما اهتمت حكومة المملكة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، حيث قدمت المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين مباشرة أو عن طريق الوكالات والمنظمات الدولية التي تعنى بشؤون اللاجئين مثل الأونروا، ومنظمة اليونسكو، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الدولي، والبنك الإسلامي.
الدعم الإعلامي
وأبرزت المملكة القضية الفلسطينية وقضية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني في وسائل الإعلام المختلفة وتأصيل الحق الفلسطيني المشروع في إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية وحق عودة اللاجئين الفلسطيني، وكذلك إبراز القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني للرأي العام العالمي.
**كيف تقيمون التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية؟ وما تحليلكم للدور القطري تجاه الخلافات الفلسطينية-الفلسطينية؟
الشخص الملاحظ للأوضاع والمستجدات حيال الوضع الداخلي الفلسطيني يكتشف أن دولة قطر تلعب دوراً هادماً تجاه القضية الفلسطينية وتستغل القضية الفلسطينية وتوظفها سياسياً لمصالحها، وتدخل النظام القطري بدعم حماس ليس حبا للفلسطينيين إنما يأتي في إطار مخطط لجعل الانقسام يستمر في الأراضي الفلسطينية، وذلك على حساب إرادة الشعب الفلسطيني، وبالتالي عمل هذا النظام على تأسيس الانقسام وتعزيزه وإطالة أمده، وهذا أمر غير مستغرب لأن قطر منذ عشرين عاماً وهي تقوم بدعم الجماعات والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا التدخل السلبي يسبب العديد من التوترات والانقسامات في الداخل الفلسطيني مما يؤثر على مسار الجهود الدولية حيال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالحكومة القطرية تقوم بدعم بعض الأطراف الفلسطينية خارج نطاق السلطة الفلسطينية (الحكومة)، مستغلة علاقاتها الجيدة مع إسرائيل، فدولة قطر الداعمة للإرهاب والجماعات الإرهابية في المنطقة تسعى لأخذ دور مشبوه في القطاع من أجل بسط نفوذها من خلال تلك الفصائل الفلسطينية والتأثير السلبي على الوضع الفلسطيني الداخلي.
**هل ترى تقاربا قطريا إسرائيليا؟ وما تأثير ذلك على الوضع الداخلي الفلسطيني؟
التقارب القطري الإسرائيلي هو شبه تطبيع كامل للعلاقات متناسية القضية الفلسطينية، وقد ساهمت العلاقة الدافئة التي جمعت قطر وإسرائيل بشكل كبير في تعزيز الانقسام بين الفلسطينيين والتأثير على مشروع الدولة الفلسطينية لصالح إسرائيل، وقد بدأت علاقة قطر بإسرائيل في عام 1996 عبر غرفة مصالح مشتركة وعلاقات دبلوماسية قوية، ومصالح اقتصادية سرعان ما تطورت وبلغت حد توقيع اتفاقيات صفقات التسليح وبيع الغاز القطري لإسرائيل في عام 2008م، وقيام النظام القطري بعقد لقاءات سرية وعلنية مع مسؤولين إسرائيليين، ومثال ذلك اللقاء بين القيادة القطرية ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شمعون بيريز وأيضا مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في الدوحة وقيام النظام القطري بعقد صفقات تجارية مع إسرائيل بواسطة شركات أجنبية، وقيام قطر باستثمار ملايين الدولارات في إسرائيل، وأيضا استضافة النظام القطري لعدد من القيادات الفلسطينية المعارضة ومنح الجنسية القطرية للنائب الفلسطيني الاسرائيلي وعضو الكنيست السابق عزمي بشارة وتنصيبه مستشاراً ومقرباً في الحكومة القطرية وأيضا إعادة فتح المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة، وكذلك استضافة عدد من الفرق الرياضية الإسرائيلية في الدوحة، وعزف النشيد الإسرائيلي ورفع العلم الإسرائيلي في أرض دولة قطر، مخالفين بذلك مقررات القمم العربية كافة ومبادرة السلام العربي.
**كيف ترون الدور المصري لاحتواء وتهدئة الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية؟
لا شك في أهمية وحدة الصف الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني من خلال قيام الحكومة الفلسطينية بمهامها في تكريس الوحدة الوطنية والعمل على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، وعدم إعطاء فرصة للأطراف الخارجية المعادية للعمل على استمرار عملية الانقسام، وكذلك المضي قدما في العملية السياسية لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وتحقيق تطلعاته في إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
وهناك دور كبير تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة لاحتواء وتهدئة الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية والحد من الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني، حيث قامت مصر بدور الوسيط، وكانت شريكا فاعلا لإزالة العقبات والتحديات التي تواجه حالة الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية، ونتيجة لهذا الدور تم توقيع اتفاق القاهرة في أكتوبر 2017 بين حركتي فتح وحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، ونتج عن ذلك الاتفاق على إقامة حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، وفي هذا الجانب نجحت مصر في تهدئة الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية واستعادة الدور الذي أهلها لتكون وسيطاً نزيها يسعى لرأب الصدع بين الفلسطينيين لدعم الجهود لتحقيق حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم وعاصمته القدس الشرقية.