يحيي العالم بعد غد، الجمعة، وللمرة الأولى، "اليوم العالمي للغة برايل 2019"، ويهدف الاحتفال إلي تشجيع فاقدى البصر أو من يعانون من ضعف حاد به على القراءة والكتابة وتوطيد تواجدهم الفعلى فى مجتمعاتهم، بالإضافة إلى إتاحة المجال للتعرف على المشاكل التي قد يواجهونها. ويهدف الاحتفال إلي العمل على إيجاد حلول فعلية للتغلب علي مشاكلهم من خلال تضافر جهود المنظمات الدولية وفى مقدمتها منظمة الصحة العالمية، كما يتيح فرصة للاعتراف بضرورة وجود مزيد من الوسائل مساعدة للأشخاص التى تعانى من الإعاقة البصرية، والتأكيد من خلال هذه الوسائل المساعدة على مشاركتهم فى مجتمعاتهم وتواجدهم فى حالة تفاعل إيجابى مع الآخرين. وقد تم اختيار يوم 4 يناير من كل عام ، حيث يوافق هذا التاريخ يوم ميلاد لويس برايل عام 1809، مخترع الكتابة بطريقة برايل التى سميت على اسمه. وبرايل قد أحدث ثورة في حياة فاقدي وضعاف البصر، باختراعه نظاما للقراءة والكتابة يعتمد على فكرة الست نقاط البارزة. وتعد طريقة برايل وسيلة اتصال للأشخاص المكفوفين ، كما هو وارد في المادة 2 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهي ضرورية في سياق التعليم وحرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات والتواصل الكتابي ، وكذلك فيما يتعلق بالإدماج الاجتماعي للمكفوفين ، كما هو وارد في المادتين 21 و 24 من الاتفاقية. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 161/73 في نوفمبر 2018 ، بإعلان يوم 4 يناير يوم عالمي للغة برايل؛ اعترافًا بأن تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق الوصول إلى اللغة المكتوبة شرط أساسي حاسم للإعمال الكامل لحقوق الإنسان للمكفوفين وذوي الرؤية الجزئية. ولد مخترع لغة «برايل» في مدينة كوبفراي شرق العاصمة الفرنسية باريس يوم 4 يناير 1809، وعندما كان طفلًا في الثالثة من عمره؛ فقد البصر بإحدى عينيه، بسبب اصطدام أداة حادة فيها، بينما كان يتعلم في ورشة والده لصناعة الجلود. وحاول الأطباء إنقاذ عينه إلا أنهم لم ينجحوا، وبعد سنتين من الحادثة، فقد البصر في عينه الثانية بسبب إصابتها بالرمد التعاطفي وهو نوع من الالتهابات يحدث بعد إصابة إحدى العينين بكدمة قوية، وبالرغم من ذلك؛ أكمل حياته وبدأ يتعلم السير على طرقات مدينته الصغيرة بفضل العصا التي صممها والده. ذهب إلى مدرسة المدينة مستمعًا فقط حتى العاشرة من عمره، وبسب ذكائه الشديد؛ أُرسل لإكمال دراسته في المعهد الوطني للشباب المكفوفين في باريس، وهناك أظهر تفوقًا وأحدث ثورة بابتكاره نظام كتابة برايل، مستفيدًا من شيفرة تدعى "الكتابة الليلية" ابتكرها ضابط في الجيش الفرنسي يدعى شارل شارل، لقراءة الرسائل الحربية، يستطيع من خلالها الجنود التخاطب فيما بينهم في الأمور السرية بدون الحاجة للكلام أو استخدام الضوء لمشاهدة نصها، وكانت هذه الشيفرة تعمل بأن تبرز على ورق سميك أشكالًا من النقاط أقصاها اثنتا عشرة نقطة، لكل منها دلالة كلامية. وتعتمد لغة برايل- التي أنارت طريق العلم والمعرفة والقراءة لملايين المكفوفين- على نظام الحروف البارزة التي تمكن الكفيف أو ضعيف البصر من القراءة والكتابة عن طريق اللمس. ويشير العديد من خبراء اللغة إلى أهمية اختراع طريقة برايل للقراءة والكتابة للمكفوفين للإسهام على نطاق واسع في اكمال النقص وإشباع الحاجة للمعرفة والعلم التي كان مكفوفو العالم يعانونه، وباتوا الآن قادرين على القراءة والكتابة كغيرهم من الاشخاص العاديين وإن اختلفت الطريقة. وواجه برايل في البداية صعوبة في فهم تلك الشيفرة؛ فخفض العدد الأقصى للنقاط من 12 إلى 6، وبدأ بالعمل على اختراع طريقة كتابة جديدة، وانتهى منها وهو لم يتجاوز ال 15 من عمره، وقدمها لأول مرة لأصدقائه في المعهد في عام 1924. وأول ما نشر عن طريقة برايل كان خلال عام 1837. أما طريقته بأكملها فلم تنشر إلا في عام 1839 ولم تستخدم رسميًا إلا بعد ذلك بـ 14 عاما. وانتشرت طريقة برايل في مختلف أنحاء فرنسا عام 1854، لكن بعد وفاة مخترعها بعامين، وذلك قبل أن تنتشر فيما بعد بمختلف أنحاء العالم، كأفضل طريقة لتعلم القراءة والكتابة للمكفوفين. ولم تقبل طريقة (برايل) في بريطانيا إلا عام 1869، وبدأ استخدامها في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1860، وعدلت بعد عام 1919 وعرفت بطريقة برايل المعدلة. وفي العام 1915، نشر بحث لـ"برايل" أكد إمكانيه استخدام طريقته في كتابة النوتة الموسيقية للمكفوفين، كما اخترع لوحا ونوعا من القلم يمكن استخدامه في الكتابة على الورق بدقة في خطوط موسيقية نقرًا بالأصابع . ووحدت منظمة التربية والعلوم والثقافة " اليونسكو" التابعة لهيئة الأمم المتحدة في عام 1951، الكتابة النافرة بقدر ما تسمح به أوجه الشبه بين الأصوات المشتركة في اللغات المختلفة، ونتج عن هذه الحركة النظام الحالي للرموز العربية. وتقوم كتابة (برايل) في الأساس على 6 نقاط أساسية 3 على اليمين و3 على اليسار ومن هذه النقاط الست تتشكل جميع الأحرف والاختصارات والرموز. وقد استفاد المختصون بطريقة برايل باللغة العربية من بحوث الدول العربية المتقدمة في هذا المجال، من حيث جعل الكتابة البارزة سهلة. فقد عمل على أن تبدأ الحروف إما بالنقطة رقم (1) أو بالنقطة رقم (2) وكما عمل على أن تكون الأحرف الأكثر استعمالا في اللغة ذات عدد قليل من النقاط؛ ولذلك فالأحرف الأكثر استخداما تشكل في معظمها 3 أو 4 نقاط. وتوصلت هيئات المكفوفين العربية إلى اختصارات لأكثر من 182 كلمة من الكلمات المتداولة على نطاق واسع، وبهذه الطريقة أمكن توفير الوقت والجهد اللازمين للكتابة. ومع دخول الكمبيوتر إلى عالمنا دخل نظام الـ 8 نقاط في نظام الكمبيوتر ليعطي مجالًا لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الإشارات والرموز، ولكن هذا النظام ظل مستخدمًا فقط في الكمبيوتر ولم يوسع لغيره، وتتم طريقة قراءة هذه الأحرف من اليسار إلى اليمين. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن ما يقرب من 1.3 مليار شخص على مستوى العالم يعيشون على شكل من أشكال إعاقة الرؤية أو قرب النظر. والأشخاص الذين يعانون من ضعف في الرؤية هم أكثر عرضة من أولئك الذين لا يعانون من ارتفاع معدلات الفقر والحرمان. ويمتد تأثير فقدان البصر إلى أبعد من انتشار العمى وضعف الرؤية. بالنسبة إلى 39 مليون شخص مصابين بالعمى و 253 مليون شخص يعانون من ضعف في الرؤية ، ويعيش نحو 90% ممن يعانون من ضعف البصر في البلدان النامية.