تنطلق الدورة السابعة للقمة العالمية للمياه لعام 2019 بالإمارات الاثنين المقبل وتستمر حتى الخميس 17 يناير الجاري بمقر مركز أبوظبي الوطني للمعارض؛ وذلك تحت مظلة أسبوع أبوظبي للاستدامة.
وتُعتبر القمة -التي تقام تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة- منصة عالمية ترمي إلى تعزيز استدامة المياه في المناطق الجافة، حيث ينصب تركيزها في عدة مجالات منها تسهيل الشراكات لتنفيذ الاستثمارات الضخمة للبنى التحتية للمياه التي يتم إنتاجها بجميع أنحاء المنطقة.
ويعرض الحدث آخر الابتكارات في مجال المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، والمياه الصناعية، وتحلية المياه، والمياه الذكية، كما تهدف إلى دعم جهود استدامة المياه في الشرق الأوسط مع التركيز بشكل خاص على التقنيات الذكية المتقدمة التي يجري تطويرها في جميع أنحاء العالم؛ لمواجهة تحديات المياه المُلحة في المناطق القاحلة.
ويعمل عدد كبير من واضعي السياسات والعلماء ورواد الأعمال -خلال القمة- على التصدي للتحديات المائية الملحّة التي تواجه قطاعات الشؤون البلدية والصناعة والعقارات، حيث تعزز القمة -في دورتها هذا العام- التعاون الدولي، وتبادل أفضل الممارسات، وإقامة علاقات الشراكة، وتحفيز الابتكار، وتمكين المؤسسات والشركات من الفرص التجارية.
وكشف تقرير المياه الصادر عن البنك الدولي لعام 2018 أن 4.5 مليار شخص يفتقرون إلى خدمات الصرف الصحي التي تدار بشكل سليم، كما يفتقر 2.1 مليار شخص إلى خدمات مياه الشرب التي تدار بصورة سليمة، موضحًا أن المخاطر المتعلقة بالمياه -بما فيها الفيضانات والعواصف والجفاف- مسؤولة بالفعل عن 9 من أصل كل 10 كوارث طبيعية، كما أنه من المتوقع أن يزيد تغير المناخ من هذه المخاطر، إضافة إلى زيادة الضغط على إمدادات المياه.
وأفاد تقرير جديد صادر عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" بأن نحو 3 من كل 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم يفتقرون إلى المياه المأمونة والمتوفرة بسهولة في المنازل، بينما يفتقر 6 من كل 10 أشخاص إلى خدمات الصرف الصحي التي تدار بشكل سليم؛ ونتيجة لذلك، يموت كل عام 361 ألف طفل دون الخامسة بسبب الإسهال المرتبط بسوء الصرف الصحي والمياه الملوثة.
في الوقت نفسه، كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر مناطق العالم ندرة في مجال وفرة المياه، وتشمل هذه المنطقة 17 بلدًا تحت خط الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة.
وكشف التقرير أن المنطقة في حاجة لإجراءات حاسمة باعتبارها موطنا لـ 6% من سكان العالم، ولا تحتوي سوى على 1% فقط من موارد المياه العذبة في العالم، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن تلك المنطقة بحاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لتضييق الفجوة بين إمدادات المياه والطلب عليها.
وتستأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما يقرب من نصف طاقة التحلية بالعالم، وفقًا لحسابات البنك الدولي، ما يجعلها أكبر سوق لتحلية المياه في العالم، وتمارس تقنية تحلية المياه في 150 دولة حول العالم، وتقدر جمعية التحلية الدولية (IDA) أن أكثر من 300 مليون شخص بجميع أنحاء العالم يعتمدون على المياه المحلاة لتلبية بعض احتياجاتهم اليومية أو كلها، لكن تحلية المياه في الشرق الأوسط تخلف بصمة كربونية؛ لاعتمادها على محطات تحلية مياه كثيفة الطاقة، إضافة إلى التخلص من المواد الكيميائية والماء المشبع بالملح، والمتمخض عن عملية التحلية في البحر؛ ما قد يضر بالنظم البيئية البحرية.
وقالت المديرة العامة للمعهد الدولي لإدارة المياه "كلوديا سادوف" إحدى واضعي تقرير البنك الدولي الرئيسيين إنه "عندما تسحب كمية من الماء أكثر من الكمية التي ستجدد مخزونها، يبدأ تدمير مستودعات المياه الجوفية نفسها..إنك بمثل هذا التصرف تضر بالنظم البيئية التي تعتمد عليها، وتعطل الإنتاج الاقتصادي وسبل عيش الأسر"، مضيفة أن الضرر الذي يلحق بمستودعات المياه الجوفية، ليس نهائيًا، ويمكن إصلاحه.
وأشارت إلى أنه يوجد بدائل أرخص لإنتاج المياه، قائلة "إن التكنولوجيات الأخرى من غير تحلية المياه -مثل معالجة مياه الصرف، وإعادة ملء المياه الجوفية، والتقاط مياه الأمطار ومياه العواصف لإعادة ملء طبقات المياه الجوفية- ليست بالضرورة مكلفة بشكل كبير.. لكن مع ذلك، لا تزال المناطق الأكثر فقرًا مثل اليمن وليبيا والضفة الغربية وغزة، تعتمد إلى حد كبير على موارد المياه الجوفية بدلا من إنتاج مياهها، وهذه الدول هي التي تدفع أعلى ثمن من حيث حصولها على كميات غير كافية من إمدادات المياه وصرف صحي غير مناسب".
وتأمل الأمينة العامة لجمعية التحلية الدولية "شانون مكارثي" بأن تكون الطاقة المتجددة أرخص تكلفة وأقل تلوثًا على حد سواء، مؤكدة أن أكبر كمية من المياه المحلاة تنتج في منطقة الخليج، حيث تعتمد بعض البلدان على المياه المحلاة بنسبة 90% للاستخدام المنزلي.
وأضافت مكارثي "إن هذه الدول تعتمد بشكل كبير على تحلية المياه لأنها لا تملك بديلًا حقيقيًا... ومع ذلك قد تكون هذه الأنواع من إمدادات المياه غير التقليدية بالغة التكلفة في التنفيذ؛ ما يجعلها غير قابلة للاستخدام في الدول الفقيرة".
وكانت فعاليات النسخة السادسة من القمة العالمية للمياه 2018، قد شهدت الإعلان عن مشروعين ضخمين في مجال المياه وهما استكمال المخزون الاستراتيجي للمياه العذبة بتكلفة 435 مليون دولار أمريكي في منطقة ليوا بأبوظبي، ومشروع بناء محطة لتحلية المياه في أبوظبي تعمل بتكنولوجيا التناضح العكسي وتصل تكلفة إنشائها إلى 1.2 مليار دولار أمريكي، ومن المقرر أن يبدأ تشغيلها في أكتوبر 2021.