آخبار عاجل

لماذا لم تتوقف هناء عن سلوكها السيء ثم توقفت ؟ .. لـ « سلوى المؤيد »

20 - 01 - 2019 12:00 2352

  

* الحلقة الـ 10 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا  تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة  : « سلوى المؤيد » تحت عنوان :   لماذا لم تتوقف هناء عن سلوكها السيء ثم توقفت ؟

....................

تعود الآباء على استخدام أساليب خاطئة في التربية يهدفون منها إلى إيقاف تصرفات أبنائهم   السيئة ..لكن  هؤلاء الآباء لا يدركون أن تلك الأساليب لا يفهمها الأطفال على أنها تتطلب منهم التوقف ..هم لا يدركون أن محاولاتهم لإن يقولوا (لا )لإبنائهم يسمعها هؤلاء الأبناء على أنها (نعم) أو بعض الأحيان يمكن أن تكون (نعم ولا )

من المعروف في علم تربية الأطفال أن الحدود التي نضعها للأطفال تقوم على قاعدتين .

إما أن تكون حازمة أو متساهلة وكلاهمايختلف في توصيل ما نريد أن يسمعه أبناؤنا .

وسيعرف الآباء أي نوع من الحدود التي   يستخدمونها مع أبنائهم ..ولماذا لا يستجيب هؤلاء الأبناء لهذه الحدود..وسيتعلم الآباء أيضاً كيف يقللوا من محاولات ابنائهم لإختبارهم بالنسبة لمدى صلابة مواقفهم منهم ..وذلك بإن يبدأوا في توضيح حدودهم  لإبنائهم بعبارات واضحة تبين توقعاتهم من هؤلاء الأبناء .

مثلما علمنا من قبل أن الحدود تشبه في تأثيرها على الأبناء إشارات المرورللسائقين  ..الإشارات الحمراء تعني (الوقوف وإلا فإن هناك عقاب )..والإشارات الصفراء لا تعني (لا ) قطعياً ..والإشارات الخضراء تعني (نعم ) واضحة .

وتحت ذلك الغطاء يكمن صراع السلطة بين الآباء وأبنائهم ..من يملك السلطة على الآخر ومن هو الواقع  تحت هذه السلطة . . وهنا يسأل  الأبناء  أنفسهم  .

"إلى أي مدى يمكن أن نذهب لنختبر صلابة موقف آبائنا من الرفض ..وماذا سيحدث لو أننا تمادينا في سوء التصرف ؟"

ما نعلمه من تجارب الحياة   أن الأبناء لا يسألون آبائهم أن يوضحوا حدودهم وتوقعاتهم .وإنما يستخدمون تصرفاتهم  لاختبار هذه الحدود والتوقعات من آبائهم   ..هم يفعلون ما لا يريدون منهم أن يقوموا به ..وينتظروا ليلاحظوا ردود أفعال آبائهم ..وعلى أساس ردود الأفعال هذه يقرروا ما إذا كانوا سيطيعون آبائهم   باختيارهم .. أو لا يوجد خيار لهم سوي  طاعة هذه الحدود .. وهذا ما يسميه خبراء التربية ( السلوك الإختباري للحدود التي يضعها الآباء ) وعلى أساسها إما أن يلتزم الطفل بالحدود التي وضعت له أم لا .

وما سأورده من مثال يؤكد  ما ذكرته  .

هناء تبلغ من العمر ست سنوات . سلوكها يشبه سلوك الكثير من الأطفال . فهي رغم ذكائها ومعرفتها بحدود والديها ..إلا إنها تقاوم أن تفعل كل ما يقال لها في المدرسة أن تفعله ..هناء تدفع كل من حولها إلى حدالتأفف  والضيق  ..بل والثورة عليها  .. لذلك لم تجد أمها  بداً  من أن تأخذها إلى خبير تربوي ليساعدها  على وضع حداً لسلوك ابنتها السيء  .

يقول ذلك الخبير مستعرضاً تجربته مع هذه الإبنة وكيف استطاع وضع حداً لعدم طاعتها للحدود التي توضع لها من قبل والديها .

 بدأ أولاً بإن أوضح للأم  ما هو الخطأ في تعاملها مع ابنتها..فماذا فعل ؟

 يقول الخبيرالتربوي

                                                   (٢)

 

" استلقت هناء على الكرسي الدوار في مكتبي ..وبدأت خلال دقائق في الدوران مثل غيرها من الأطفال ..كان بعضهم يضع رجليه على الكرسي ..رغم علمهم أن آبائهم لا يرضرن على هذا التصرف ..لكنهم يقومون به ثم ينظرون إلى آبائهم  ويلاحظوا  ردود فعلهم .. والدةهناء استجابت  لدوران ابنتها  كما يستجيب الكثير من الآباء ..نظرت  إليها نظرة حادة ..مع رفع أحد حاجبيها لإظهار عدم رضائها عن سلوكها .

هناء فعلت كما يفعل الكثير من الأطفال ..أدركت عدم رضاء والديها ..وتوقفت قليلاً عن الدوران ..وعادت إليه بعد قليل ..وهو ما يبدو الإطار الذي  تسير عليه علاقتها  بوالدتها ..هناء بسلوكها تسأل نفس الإسئلة الإختبارية التي تسألها في البيت والمدرسة .. من هو الرئيس أي  صاحب السلطة ؟..ومن هو المرؤوس أي الواقع تحت السلطة ؟..وإلى أي حد يمكنها أن تمضي ؟..وماذا سيحدث لها إذا تمادت في عدم طاعتها  ؟وهي أيضاً بهذه التصرفات تقصدني لتري مدى قوتي وسلطتي والحدود التي أضعها في مكتبي إذا تمادت في الدوران ."

ويتابع الخبير التربوي الحديث   قائلاً

"استمرت هناء  تدور بالكرسي ..وانتظرت أنا لإرى إلى متى ستستمر وماذا ستفعل والدتها في الخطوة التالية ..بعد عدة دقائق فعلت أمها كما يفعل كل الآباء أوقفت الكرسي عن الحركة ..وواصلت تصويب نظراتها الحادة إلى إبنتها .. استجابت الإبنة ..ادركت نظرات أمها الغاضبة ..وتوقفت قليلاً عن الحركة ..ثم واصلت الدوران ..هناء تعلم ان التوقف هو المتوقع أو المطلوب منها القيام به ..كل  إشارات أمها وكلماتها لا تعني   شيئاً بالنسبة لها ..لذلك استمرت في الدوران ..وعلمت مما حدث أمامي ..لماذا لا تتوقف هناء عندما كانت تطلب منها المدرسة أن تتوقف عن الضجيج والإنتباه في الفصل ..وبعد مرور خمس دقائق ..حاولت أن التزم خلالها  الهدوء  لأجيب على بعض أسئلتها  ألا إني  تعمدت أن أقول جملة قصدت من خلالها توضيح  حدودي التي لا أسمح لها بتجاوزها .

"هناء ..أعلم أن كراسي العيادة مريحة ..وأنا أسمح لك باستخدامها..لكن عليك أن تتبعي  أمرين ضروريان  ..  أن لا تدوري على أحد الكراسي ولا تضعي قدميك عليهم..وأنا واثق بإنك سوف تتبعين حدودي ..لكنك إذا قررت أنك لا تريدين ذلك فإنك سوف تجلسين على الكرسي البرتقالي بقية الجلسة "

ويكمل الخبير التربوي تجربته قائلاً

" "كنت قد احتفظت بكرسي برتقالي قديم من البلاسيك لهذه المواقف ...فماذا تتوقعون فعلت ..بالتأكيد فعلت مثلما يفعل الكثير من الأطفال ..جربت أن لا تطيعني عدة دقائق ..وأخدت تدور بالكرسي مرة أخرى ..وتنتظر رد  فعلي  .. كانت هناء  بسلوكها هذا كأنها تسألني هل  أعني  حقيقة ما قلت لها .. عند ذلك تفاجئت بإني جلبت  الكرسي البرتقالي لتجلس عليه بقية الجلسة .

قائلاً لها " هذا سيكون الكرسي الذي ستجلسين عليه إلى بقية الجلسة..يمكنك أن تجربي الكراسي الزرقاء  الأخرى المرة القادمة .  "

 واضطرت هناء أت تواصل الجلسة  بهدوء على ذلك الكرسي الغير مريح ..لإنها اختارت هذه النتيجة عندما لم تلتزم بحدودي .

لقد نجح الخبير في تعديل سلوك هناء لإنه أجاب على أسئلتها ووفر لها المعلومات التي تريد أن تعرفها ..وبعد أن عرفت ماهي حدوده وما هي توقعاته لسلوكها و  أصبحت لديها كل المعلومات..  وضع أمامها خيارين ..إما أن تجلس على الكرسي المريح  إذا التزمت بحدوده أو تجلس على الكرسي الغير مريح إذا لم تلتزم ..

  http://Www.salwaalmoayyed.com.bh

 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved