* الحلقة الـ 11 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة : « سلوى المؤيد » تحت عنوان : كيف نوقف فوضى العائلة ؟
....................
هل تعلمون ماهي الفوضى العائلية ؟ تحدث الفوضى ..عندما لا يتمكن الآباء من توصيل رسائل واضحة حول التصرفات التي يريدون أبنائهم القيام بها ..فتعم هذه الفوضى علاقات هؤلاء الآباءبإبنائهم.. فيرقص أفراد الأسرة كل على نغمته الخاصة به..ويصل تعود الآباء في تعاملهم مع أبنائهم بهذه الطريقة إلى درجة أنهم لا يشعرون أنهم يعيشون وسط هذه الفوضي .
وفوضى العائلة إما أن يقوم على أساس تساهل الوالدين مع الأبناء باستخدام الشدة والتسلط معهم لإطاعة أوامرهم ..فكيف يمكن للآباء وقفها ؟ للإجابة على هذا السؤال ..سنضرب هذا المثال لعله يساعد الآباء للتغلب على هذه المشكلة مع أبنائهم .
علياء ومحمد زوجان يعملان ..لديهما ثلاثة أطفال ..بدا الإرهاق واضحاً على الأم من كثرة المشاجرات بين أبنائها ..وبسبب عدم طاعتهم لإوامرهما كوالدين عند القيام بواجباتهم اليومية .
كانت علياء على حافة الإنهيار عندما دخلت غرفة المعالج النفساني لتقول له :
" مهما قلنا ..فإن أبناؤنا يفعلون ما يريدون ..وكل شيء في البيت يتحول إلى معركة . أما نحن فكأننا نصرخ فيهم ونؤنبهم طوال النهار..ولا يكفي هذا ..وإنما يصرخ كل واحد منهم في الآخر أيضاً طوال الوقت ..اعصابي لم تعد تحتمل.
وتابع محمد معقباً على كلام زوجته بنبرة يائسة :
" نحن نحب أولادنا كثيراً ..لكنني بصراحة لم أعد أتمتع بوقتي معهم ..نحاول أن نفهمهم ونعاملهم بالعدل ..لكنهم يحاولون السيطرة علينا دائماً ."
قد لا يلاحظ علياء ومحمد أنهما يرقصان مع أطفالهما..لقد ترسخ لديهم أسلوب التعامل المتساهل مع أبنائهم..فتحولت حياتهما إلى معارك قوى من ينتصر من الطرفين الآباء أم الأبناء .
إن أول خطوة بدأها المعالج النفساني ليوقف هذه الفوضى الأسرية التي أمامه أن يجعل علياء ومحمد يدركان بإنهما لا يرسلان رسائل واضحة لإبنائهما ..لذلك سألهما قائلاً
" خذا أي موقف وحاولا أن تتحدثا عنه خطوة بعد خطوة ..ماذا قلتما لهما؟ وماذا فعلتما عندما تصرفتا بالطريقة التي تصرفتما بها "
أخذت الأم المبادرة وبدأت تتحدث " سأبدأ بما يحدث في الصباح أوقظهم ..فيماطلون في النهوض والذهاب إلى الحمام ..وأكرر إيقاظي لهم عدة مرات ..ثم أعيد تعليماتي لما عليهم القيام به للإ ستعداد للمدرسة .. ..ثم أذكرهم وهم يتباطئون.. ثم أكرر تذكيري لهم ولا فائدة .. ثم أحاول أن أشرح لهم لماذا أفعل ذلك .. ثم أحاضرهم .. ثم أصرخ فيهم عندما ينفذ صبري ثم أهددهم وهم يتجاهلون ما أفعل ويتمادون في سلوكهم ..إلى أن أصل إلى آخر حدود صبري ..فأحدد عقاب لهم إذا لم ينفذوا أوامري في وقت محدد .. عندئذ يطيعوني .
هنا سأل المعالج النفساني الأم :
" ألم تلاحظي أن أبناؤك توقفوا عن التمرد وعدم الطاعة عندما وضعت وقتاً محدداً للعقاب وقمت بتطبيقه؟ "
وافقت الأم
سألها المعالج " عند أي نقطة في صراعك معهم شعرت بالغضب ؟"
“٢”
أجابت علياء " بصراحة طوال الوقت ..أبدأ وأنا غاضبة لإنني أعلم أنهم لن يتعاونوا معي ..لكني لا أتصرف
بطريقة غاضبة إلا فيما بعد ..عندما لا أستطيع أن أتحمل أكثر من ذلك ..وتدريجياً أشعر بالإرهاق ما بين تذكيرهم وإلقاء المحاضرة عليهم ثم أفقد أعصابي "
لقد لاحظ المعالج النفساني على مثال علياء أنها كلما أكثرت في الكلام ..كلما قاوم أبنا ئها..وهذا يضاعف من غضبها ..وتتواصل الفوضى في علاقتها معهم ليزداد حرارة حتى يتوقف في النهاية بالخطوات العملية التي قامت بتنفيذها ..وشرح ذلك لها فوافقت على ملاحظته ..ثم استعرض معها الأسلوب الذي كانت تتعامل أمها معها على أساسه ..واكتشفت علياء أن نتائجه شبيهة بنتائج الأسلوب الذي تستخدمه مع أولادها ..وصاحت في دهشة
" لقد كنت أظن طوال الوقت أنني كنت أتصرف بطريقة مختلفة عن أمي وأبي "
علق المعالج النفساني على كلامها قائلاً
"إن رد فعلك هذا طبيعي ..لإن أكثر الآباء مثلك يظنون أنهم يخالفون أسلوب آبائهم في تربية أبنائهم ..وما يحدث حقاً أنهم يمارسون عكس ما يطبقه آبائهم معهم والنتائج سلبية دائماً .. فإذا عاملوهم بتساهل أصبحوا متشددين مع أبنائهم .. وإذا كانوا متشددين معهم أصبحوا متساهلين..والنتائج السلبية متطابقة ..لكنهم في كلتا الحالتين لا يعلمون أبنائهم الإحساس بالمسؤلية في إداء واجباتهم اليومية ..أي أنهم مستمرون في الرقص مع أبنائهم بإسلوب آخر .. فلا يستفيد هؤلاء الأبناء من توجيههم .
سألت علياء المعالج النفساني :
" والآن ..كيف يمكننا أن نتخلص من هذا الفوضى أو من الأخطاء التي نرتكبها مع أبنائنا
أجب المعالج النفساني :
" إنك إذا أدركت أين الخطأ في تصرفك مع زوجك فإنك بدأت بذلك العلاج ..أما الخطوة الثانية ..فإنها تحتاج منك أن تكون خطواتك بعد كلماتك مباشرة وبإسلوب حاسم ..لا تستخدمي عبارات كثيرة لا فائدة منها ..وإنما كلمات قليلة تتبعها أفعال مؤثرة ..إنك إذا فعلت ذلك فإن رقصك مع أبنائك سيتضائل ..وكلما قللت من كلماتك الغير مؤثرة ..وأصبحت رسائلك واضحة يصاحبها تصرفات محددة أصبح اتصالك واضح معهم ..وسيتوقف الرقص تماماً بعد ذلك وسيعود التوازن والهدوء إلى علاقتك معهم .
http://Www.salwaalmoayyed.com.bh