الحلقة الـ 36 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة : « سلوى المؤيد » تحت عنوان : ماذا تقول الأم لإبنتها إذا أضاعت معطفها الثمين ؟
......................................
لا يمكن للنتائج الطبيعية أن يكون لها تأثير على تطوير شخصية الطفل إلا إذا تحمل الطفل نتيجة أخطائه ..وإلا فإنه سيهمل مرة أخرى وأخرى ولن يشعر بالمسؤلية نحو أشيائه الخاصة .
ابتسام طفلة في الثامنة من عمرها اشترت لها أمها معطفاً ثميناً ..وذهبت لتلعب مع صديقتها في المنتزه..عادت ابتسام مساءً وهي تبكي قائلة :
" أمي ..لقد ضاع معطفي ..وضعته على الكرسي ..وانشغلت باللعب مع صديقاتي ..التفت فلم أجده "
عاتبتها أمها وشعرت بالقهر على ابنتها ..كيف أهملت في الحفاظ على معطف ثمين كالمعطف الذي اشترته لها ..وقررت عدم شراء معطف آخر لها .
بكت الإبنة كثيراً لإنها تريد من والدتها شراء معطف ثمين آخرلها .. لكن هل التزمت الأم بموقفها ؟ كلا ..وهنا أخطأت فيما فعلت ..لإنها لم تترك الخطأ الذي ارتكبته ابنتها يعلمها النتيجة الطبيعية لما فعلته من سلوك خاطىء.. وهو حرمانها من معطف آخر حتى تتعلم كيف تحافظ على أشيائها الخاصة.
هل حافظت ابتسام على المعطف الجديد الثمين ؟ مع الأسف ..لا ..فقد أضاعته مرة أخرى في المنتزه مرة أخرى وعادت إلى أمها تبكي .. تريد معطف آخر.
هنا وقفت أمها معها موقفاً حازماً وجعلت النتائج الطبيعية لإهمالها تعلمها كيف تحرص على أشيائها ..رفضت شراء معطف جديد لها ..وألحت الإبنة وبكت لساعات ..لكن الأم أصرت على موقفها الحازم..وكذلك والدها .. وهنا تكمن أهمية الإتحاد في الرأي بين الوالدين في التربية .
وفكرت الأم في فكرةأخرى تعلم الإبنة كيف تستفيد من ذلك الدرس..فماذا فعلت ؟
قررت شراء معطف رخيص لإبنتها وقالت لها:
" سأرى مدى محافظتك على هذا المعطف ..إذا أثبت أنك ستتحملين مسؤلية المحافظة عليه ..فأنني سأشتري لك معطف جيد بعد فترة من الإختبار "
فهمت ابتسام الدرس الناتج عن إهمالها ..وحافظت كثيراً على معطفها ..وبعد عدة أشهر اجتازت ابتسام هذا الإختبار ..واشترت لهامعطفاً مناسباً وجميلاً .. واهتمت به ابتسام وحافظت عليه كثيراً ..بعد أن استوعبت الدرس التربوي المطلوب .
ماذا إذا نسى الأبناء واجباتهم المدرسية أوفلوس وجباتهم المدرسية ؟
ليس من واجب الوالدين القيام بهذه الواجبات عن ابنائهم .. أو يقوموا بتوصيل الفلوس لأبنائهم ليشتروا بها غدائهم في المدرسة .. لإنهم لن يطوروا شخصياتهم إلا إذا تحملوا هم نتائج أعمالهم ..وقاموا بواجباتهم بإنفسهم .
ليال طفلة في العاشرة من عمرها لديها عادة سلبية وهي.. أنها كثيراً ما تنسى فلوس وجبتها للمدرسة ..وأحياناً واجباتها المدرسية بعد أن تنجزها ..وكانت والدتها كثيراً ما كانت تذهب إلى المدرسة لكي تعطيها ما نسته من طعام أو واجب مدرسي .
لا حظت مدرسة ليال هذه العادة السيئة لديها رغم اجتهادها في الفصل ..فطلبت من الأم أن تتوقف لمدة أسبوعين عن العودة إلى المدرسة لتعطي إبنتها ما نسته من أشياء ..وشرحت المدرسة للأم أن ذلك لمصلحة
إبنتها حتى تتحمل مسؤلية نسيانها .
وافقت الأم ومعها الأب على ذلك وابتدئا في تطبيقه .
بعد عدة أيام نست ليال نقود وجبتها المدرسية ..وتذكرتها عندما عادت أمها إلى البيت ..واتصلت بها قائلة
" أمي..لقد نسيت فلوسي التي أشتري بها غذائي ..هل يمكنك إحضارها لي ؟"
ردت الأم بحزم قاطع “ لا ..لا أستطيع ..لماذا لم تتذكري أشيائك ؟..هذه مسؤليتك لا مسؤليتي"
بكت ليال وهي تتوسل " أرجوك يا أمي أأتي بها لن أنسى بعد اليوم "
لم ترضخ الأم لتوسلات ابنتها ليال ولم تفعل ما أرادت ..وكان ذلك درساً مفيداً لكي تتعلم ابنتها كيف تتحمل النتائج الطبيعية لإهمالها .
بعد عدة أيام نست ليال واجبها المدرسي .. فسألت المدرسة إذا كان في إمكان والدتها أن تأت به من البيت لإنها أنجزته لكنها نسته .
ردت عليها المدرسة " لا ..ليس الآن "
ومر الوقت وليال تتحرق مقهورة لإن والدتها لم تتذكر واجبها لكي تأت به قبل أن يحين موعد الحصة ..وادعت الذهاب إلى الحمام لتتصل بأمها ..لكن أمها رفضت أن تأتي بواجبها
ردت عليها أمها أيضاً أنها لن تأت به وعليها تحمل نتيجة نسيانها..ولم تخضع لبكاء إبنتهاوتوسلاتها..وتحملت ليال النتيجة الطبيعية لإهمالها لكي لا تعود إليه مرة أخرى .
عادت الإبنة حزينة من المدرسة لإنها حصلت على صفر في المادة التي نست واجبها ..ومنذ ذلك اليوم لم تنسى واجبها للمدرسة ولا نقودها أبداً لإنها تعلمت أن تتحمل من نسيانها ونتائجه الأليمة مسؤلية أن تتذكر أشيائها الخاصة بإن تجهزها قبل أن تنام للذهاب في اليوم التالي إلى المدرسة .
إن الأم تستطيع أن تطبق هذا الأسلوب التربوي في ما يتعلق بالواجبات اليومية بالنسبة لإطفالها من تجميع ملابسهم المتسخة لغسلها ..إذا لم يجمعوها وأتوا بها لها لا تغسلهم فيفاجئوا بعد عدة أيام بإن ملابسهم الداخلية أو بيجاماتهم جميعاً بحاجة إلى غسيل ..فيتعلموا من إهمالهم ونتائجه الطبيعية بحرمانهم من الملابس النظيفة عندما يحتاجوها .. أن يتذكروا أن واجب إعطاء أمهم ملابسهم المتسخة لغسلها مسؤليتهم ..وهكذا بالنسبة لواجباتهم الأخرى .