بقلم : د- آمال إبراهيم
.............................
أكد وزراء خارجية لدول أعضاء منظمة التعاون الإسلامي أهمية التحرك لاتخاذ خطوات جادة لمواجهة التحديات التي تهدد الدول الإسلامية ومجتمعاتها وعلى رأسها الإرهاب علاوة على الاستفادة من موارد الدول الإسلامية في ازدهار الشعوب والعمل على تقدمها، داعين إلى الدعم الحقيقي لنصرة القدس والقضية الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية في المسجد الأقصى.
وأكد معالي الدكتور رياض المالكي وزير الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين، أن منظمة التعاون الإسلامي والتي تتكون من 54 دولة، أنشئت للتصدي للاعتداء الذي تعرض له المسجد الأقصى وبالتالي المسؤولية الرئيسية لها هي كيفية توفير الحماية والإسناد للأماكن المقدسة والقضية الفلسطينية بشكل عام.
وقال المالكي في تصريحات صحفية أمس على هامش جلسات الدورة الـ 46 لمجلس وزراء الخارجية لمنظمة التعاون الإسلامي: إن الاجتماع يركز على القضية الفلسطينية وإعادة الاعتبار لمحوريتها، خاصة وان هناك انحدارا باتجاه التطبيع مع دولة الاحتلال من قبل بعض الدول الإسلامية وهو الأمر الذي شاهدناه مؤخراً من قبل بعض الدول الأعضاء في المنظمة وشهدنا بعض عمليات التصويت التي تتم في الأمم المتحدة من بعض الدول الأعضاء ضد حقوق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف بما فيها حقه في تقرير مصيره، وبالتالي هناك خلل واضح في الالتزام بالقواعد الأساسية لطبيعة العمل في داخل المنظمة وخاصة فيما يتعلق بالعمل في صالح القضية الفلسطينية وحماية حقوق الشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة وتحديداً المسجد الأقصى، مبيناً أن هذا الموضوع سيتم التطرق إليه خلال الاجتماع من قبل العديد من الدول.
وأضاف: نحن لا نقبل أن تكون هذه المنظمة إلا كما أنشئت وكما يجب أن تكون لدعم وحماية القضية الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة وحقوق الشعب الفلسطيني المنتهكة.
وعبر عن تفاؤله بهذا الاجتماع الذي تحتضنه عاصمة دولة الإمارات، في إعادة التركيز على القضية الفلسطينية، موضحاً أن المسجد الأقصى ما زال يتعرض إلى انتهاكات يومية من قبل دولة الاحتلال واعتداءات من قبل المستوطنين للصلاة فيه كمحاولات لتهويده وبالتالي هناك عمل دؤوب يقوم به المرابطون الفلسطينيون في القدس لحماية المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية باسم كل الأمة الإسلامية.
وأعرب عن آماله أن يعزز الاجتماع، صمود المواطن الفلسطيني المقدسي باسم الأمة الإسلامية وتوفير الإسناد والدعم الحقيقي المالي والسياسي وليس فقط اللفظي لهؤلاء المرابطين حتى يستطيعوا أن يواجهوا دولة الاحتلال بكل ما تقوم به من إجراءات تهويدية في داخل المدينة المقدسة وتحديداً بما يتعلق بالمسجد الأقصى.
وأشار الدكتور المالكي إلى أن هناك نية من - ما أسماها على - دولة الاحتلال (إسرائيل) بإزالة المسجد الأقصى وهدمه وإقامة الهيكل المزعوم، الأمر الذي يستدعي من الدول الإسلامية الوقوف وقفة قوية لدعم الشعب الفلسطيني في مثل هذه المواقف.
وأضاف: للأسف الشديد في مثل هذه المواقف التي تحتم علينا أن نتمسك بحماية المسجد الأقصى نجد ترهلاً من قبل بعض الدول والتسارع في التطبيع مع دولة الاحتلال التي تعتدي على المقدسات الإسلامية والمسجد الأقصى ونقف جميعاً في مواجهة هذه الدولة ولكن في الواقع نجد بعض الدول، أعضاء منظمة التعاون الإسلامي تقيم علاقات مع دولة الاحتلال.
الشعب الفلسطيني قادر
وأضاف الوزير المالكي أن الشعب الفلسطيني قادر على حماية المقدسات ويجب على الدول التي تعلن دعمها لحماية المقدسات أن تبرهن على ذلك بشكل واضح وملموس من خلال المساعدات السياسية أو المالية والنشاطات والفعاليات وليس فقط عبر البيانات التي تخرج من الاجتماعات، كي نعزز من صمود المواطن الفلسطيني.
وأشار إلى أن ملف القضية الفلسطينية مطروح على جميع المنابر الإقليمية والدولية وفي الأمم المتحدة ونجد أن المسؤولية الجمعية تقع على الشعب الفلسطيني ونحن من نحمل عبء المسؤولية الإسلامية لحماية المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية وهذا لا يمكن من دون تعزيز الدعم العربي للموقف الفلسطيني حيث إنها مسؤولية الجميع.
ولفت إلى أن مفوض اللاجئين موجود معنا وستكون لديه الفرصة للقاء العديد مع ممثلي الدول الإسلامية وتناول موضوع إيقاف المساعدات لوكالة الأونروا ويثير أهمية دعمها لاستمرار عملها حيث تقدم الخدمات الأساسية لنحو 5.5 مليون لاجئ فلسطيني منتشرين في كثير من الدول العربية والأجنبية، مما يتطلب المساعدات والأموال لتوصيل الخدمات في المجال الصحي والتعليمي، لافتا إلى أنه ينبغي على الدول الإسلامية أن تساهم بدورها في تقديم المساعدات لهذه الوكالة للاستمرار في مهمتها.
وطالب المالكي المنظمة أن تلتزم بالمهام المنوطة بها والالتزام بميثاق المنظمة لنصرة القدس وحماية المقدسات ومواجهة ما تقوم به سلطة الاحتلال وليس العكس.
دور رئيس
ومن جانبها، أكدت معالي سوشما سوارج وزيرة الخارجية الهندية، أن دولة الإمارات أظهرت للعالم كيفية تحقيق التقدم عن طريق الرؤية العظيمة التي تتبعها، والانفتاح على العالم، واحتضان التكنولوجيا، والاستثمار في الموارد البشرية والبيئة الجامعة للمواهب والثقافات من جميع أنحاء العالم مضيفة أنه في السنوات الأربع الماضية، شهدت العلاقات بين الهند والإمارات بل ومنطقة الخليج العربي وغرب آسيا قدرا كبيرا من التطور والتحول.
وقالت سوارج ضيف شرف الدورة خلال كلمتها: «يشرفني أن أشارك زملائي من الدول التي تمثل دينا عظيما وحضارات عريقة، أقف هنا ممثلة لبلد كانت دوما على مر العصور نبعا للمعرفة، منارة للسلام، مصدرا للأديان والتقاليد، وموطنا للأديان من جميع أنحاء العالم وها هي الآن، واحدة من أكبر الدول الاقتصادية في العالم.
وتابعت: إن أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي يشكلون أكثر من ربع أعضاء الأمم المتحدة، وربع البشرية تقريبا، فهي منظمة لها دور رئيسي في تشكيل عالمنا، تجمع الأمم، على أساس الإيمان المشترك، والرغبة المشتركة في مستقبل أفضل لشعوبها.
وأضافت: أن الإرهاب والتطرف يحملان أسماء وتسميات مختلفة، ولكن في كل حالة، يقومان بتشويه الدين عن جهل، وفي كثير من الأحيان، تحدث خسائر فادحة في الأرض وبين الناس، بسبب الذين يتظاهرون بأنهم يخدمون الدين.
وقالت: الهند دولة قومية، توفر المساواة وحرية الدين والعبادة، في إطار دستورنا، أعظم حصن ضد التطرف والإرهاب، الذي يضمن التعددية والتعايش، مشيرة الى أن عددا قليلا من المسلمين وقع فريسة للدعاية المسمومة التي تبثها الأيديولوجيات المتطرفة وتضافرت قواها مع الجماعات الإرهابية، وهذا تحد عالمي يتطلب جهدا عالميا متضافرا وشاملا، ويجب أن تُشرك كل أمة وكل منظمة وجميع المؤسسات العالمية.
وتابعت: في عام المنظمة الـ50 تتجه الدول الإسلامية نحو بداية جديدة، الخيارات التي تقومون بها، الاتجاه الذي تحددونه، سيكون له تأثير عميق على البشرية، وإن منظمة التعاون الإسلامي تحمل على عاتقها مسؤولية ضخمة وفرصا عظيمة للارتقاء بالإنسانية إلى مستوى إلى ما هو عليه من السلام والازدهار، ولجعل هذا الكوكب مكانا أفضل، ليس لشعوبكم فقط، بل لبقية العالم.
الأمن والثورة المعلوماتية
وقال معالي صلاح الدين رباني وزير خارجية أفغانستان: إن الاجتماع يتزامن مع الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس المنظمة، ويأتي في ظل فترة يعاني فيها العالم الإسلامي من التحديات الأمنية ولابد على الدول الأعضاء أن تعمل على الوصول إلى الازدهار والنماء لشعوب الدول الإسلامية.
وأضاف أن الازدهار لن يتحقق إلا من خلال الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي والتقدم التكنولوجي وإعداد أنفسنا إلى دخول عصر الثورة المعلوماتية لمواجهة التحديات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أهمية الاجتماع لمناقشة الاستفادة من موارد الدول الأعضاء لخدمة الأجيال القادمة.
تحدي ميليشيا الحوثي
أكد معالي وزير الخارجية اليمني خالد اليماني أن الميليشيات الحوثية ترفض تنفيذ اتفاقية ستوكهولم، وتصر على الاستمرار في طريق يؤدي إلى مزيد من العنف وتدمير مقدرات الشعب اليمني، مشيراً إلى أن الطرف الحوثي وبعد مرور شهرين ونصف على اتفاقية ستوكهولم، لم ينفذ حتى الخطوة الأولى في طريق مقتضيات السلام.
وأوضح أن المسؤولية الآن ملقاة على عاتق الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن، مشدداً على أهمية أن تقوم الأمم المتحدة بتحمل التزاماتها بالكامل وتعلن على الملأ أن الطرف الحوثي لا يريد السلام أو الانسحاب.
وطالب وزير الخارجية اليمني، المجتمع الدولي أن يأتي ببدائل لبحثها من أجل فرض عقوبات على الطرف الحوثي وإيران التي تقف خلفه، وذلك من أجل الانصياع لشروط السلام، مؤكداً أن الحكومة اليمنية على استعداد لتنفيذ خطط المجتمع الدولي من أجل السلام المستدام ولكن السلام المستدام الذي لا نقبل معه بتكرار نموذج حزب الله في اليمن.
أفريقيا طوق النجاة
وقال معالي نويل نيلسون ميسون وزير خارجية جمهورية الغابون في كلمة باسم مجموعة الدول الأفريقية الأعضاء: إن قارة أفريقيا تعتبر طوق النجاة للبشرية سواء في مجالات التنمية الاقتصادية أو الحفاظ على البيئة، ولكننا نواجه الكثير من التحديات في بيئتنا المحلية، مما يتطلب التضامن مع القارة ودعمها بالاستثمارات الطلوبة.
وأضاف معاليه: هناك الكثير من العناصر المهددة للمجتمعات الأفريقية ومنها فقدان الأمن والاستقرار بسبب وجود الحركات الإرهابية والجماعات المسلحة، التي تمثل لنا أحد الشواغل الرئيسية، ما يتطلب دعما متواصلا من الدول الأعضاء في دول المنظمة لمكافحة كافة الأشكال التي من شأنها تعزيز تنامي التطرف في المجتمعات.
وأشار معاليه إلى أن أفريقيا لديها في إطار مكافحة المتطرفين أدوات ملائمة منها مجلس الأمن والسلم لدول ساحل أفريقيا، إضافة إلى المحاربة التقليدية للإهاب، إلا أنه لازالت هناك الكثير من الجماعات المسلحة المنتشرة والتي تهدد أمن البلاد وتعمل على زعزعة المجتمع والإضرار بأي شكل من أشكال التطور والحداثة.
ودعا معاليه لإنشاء آليات تحد من الهجرة غير المشروعة وتدعم قطاع التعليم والبنى الأساسية والرياضية والصحية والتعليمية وما يتوافق معها من خدمات، إضافة إلى العمل على حلول تشمل الاستثمارات والشراكات المخلصة والمباشرة والموضوعية التي تهدف لخلق فرص عمل لتقليل البطالة، وبالتالي خفض نسبة احتمالية التحاق الشباب بالجماعات المتطرفة والهادمة.
الهند: متمسكون بروابطنا القوية مع دول التعاون الإسلامي
صرح تي اس ترمورتي وكيل وزارة الخارجية الهندية بأن بلاده تعتبر المشاركة كضيف شرف في الاجتماع السادس والأربعين لمنظمة التعاون الإسلامي، «يوما تاريخيا» نظراً للعلاقات القوية التي ترتبط بها الجمهورية الهندية والدول الأعضاء بالمنظمة.
وقال ترمورتي في مؤتمر صحفي عقده عصر أمس: إن المشاركة في اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي تعتبر يوماً تاريخياً يتزامن مع احتفالها بالذكرى الخمسين لإنشائها في عام 1969، حيث تمت دعوة الهند للاجتماع السادس والأربعين كضيف شرف، وذلك لفتح فصل جديد في ارتباطنا بدول التعاون الإسلامي.
وأضاف أن الهند لديها روابط تاريخية مع دول منظمة التعاون الإسلامي، وتعد دولة الإمارات من أهم الدول في المنطقة وتعد الأولى خليجيا من حيث التبادل التجاري وتعد مصدرا مهما للطاقة ونتعاون أيضا في مجالات الأمن الغذائي ومحاربة الإرهاب والفضاء.
وأكد ترمورتي أن الهند قدمت ما يقارب 12 مليار دولار من المساعدات إلى عدة دول أعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي والتي تأتي في إطار عدة اتفاقات متعددة الأطراف التي بموجبها تم توفير 2000 منحة دراسية لدول التعاون الإسلامي لتسهم في بناء القدرات حيث إن هناك قدرا كبيرا من التعاون والتبادل التجاري الذي يصل إلى 230 ملياراً مع دول منظمة التعاون الإسلامي والتي تمثل 30% من إجمالي التجارة الخارجية للهند.