جاء في أحد محاضر اجتماع اللجنة العمومية في مؤسسة "الخبيصة" عبارة غريبة على لسان المدقق الخارجي: " تكبدت المؤسسة خسائر مالية ضخمة لا اعرف مصدرها " انتبهوا قائل العبارة هو شريك من شركة التدقيق الخارجي لشركة عالمية يفترض انها 5 نجوم على مقياس امريكا واوروبا، فهل سمعتم عن مدقق خارجي يجهل مصدر الخسائر او كيف حدثت وهو الذي اصدرها مدققة ووضع ختم الشركة كمسؤولة عن النظرة الحيادية لمحتوياتها؟ وهو الذي قال بانها تبين الصورة العادلة للبيانات المالية، لا تعلم من اين جاءت الخسائر؟ نسأل من إذن؟ وكيف وصل الوضع بان يتجاهل المدقق الخارجي اساسيات دوره في استخلاص وضع المؤسسة وتوضيح وتبصير المخاطر للمساهمين، إن هذه العبارة بحد ذاتها إدانة يجب ان ترفع للقضاء على انها خلل جسيم في مهنية وأداء دورها وتعاطيها مع مؤسسة "الخبيصة" والتي كتب عليها الدهر ان تكون احدا خبائص دول العالم الثالث، دول ترفع القلم عن مؤسسات التدقيق وتعفيهم من المراقبة والمتابعة والتوجيه، وتدفعهم لبناء علاقات المصالح أولا وأخيرا، فقد نجح المساهم الاكبر في شركة "الخبيصة" بالاستحواذ على جميع المنافع والارباح باستخدامه لاسم وسمعة شركة التدقيق العالمية وعلاقته المصلحية مع شريك شركة التدقيق ، لا توجد غرابة في هذا المشهد فقد تجسد ذلك سابقا في شركة انرون التي تبخرت في لحظة لصالح حفنة مكونة من الادارة التنفيذية والمدققين، إذن هذه الثقة التي تقوم على اسم وسمعة مؤسسة تدقيق عالمية لا تكفي في الدول النامية لان النظام الرقابي لا يكفل قيمة العبارات المستخدمة في تقارير البيانات المالية المدققة، وهكذا فإن أي اصلاح لأي اقتصاد وطني اليوم يتطلب اصلاح شركات التدقيق وتقييم اداءها ومراقبتها وسن القوانين الواضحة بعدم التجديد لأي شركة تدقيق لأكثر من خمس سنوات كما هو مطلوب في المعايير الاخلاقية لمهنة التدقيق ، وذلك كي لا تتماهى مع مجلس إدارة المؤسسة التي تراقبها، فتترابط مصالحهم وتغض شركة التدقيق الطرف عن الأخطاء والتجاوزات فقط من اجل ضمان التجديد لها سنويا ،ان الثقة التي يوليها الناس والمساهمون وحملة الأسهم لشركات التدقيق هي الاساس الذي يبنى عليه تداول الاسهم في البورصة المحلية، فالمستثمرين المحليون والدوليون يبيعون ويشترون ويقيًمون حياتهم الاقتصادية واستثماراتهم ومداخيلهم بناء على تقارير الحسابات المدققة، فاذا فسد الملح فبم تملح ؟ وأين ذهبت المعايير الأخلاقية لمهنة التدقيق المتعارف عليها دوليا من نزاهة ومصداقة ومنهية واعتمادية وحيادية وعدالة وشرف المهنة وسرية وتحمل للمسؤولية ومراعاة لجميع الطرف ذات الصلة ؟ وكيف نحول دون وجود شركات تدقيق وتخبيص تنعدم فيها الجودة والكفاءة ولا يجد فيها المدقق غضاضة بالقول " رأيت خسائر لا اعرف مصدرها .