أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه وفخامة رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون عن اعتزازهما بعمق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين والتي تشهد تطوراً يزداد عاما بعد عام، والحرص المشترك على جعل هذه العلاقات أكثر قوةً، كونها تقوم على أسس الاحترام المتبادل والثقة والتعاون والمصالح المشتركة، وتستند لتاريخ مشترك سياسيًا واقتصاديًا وتجاريًا وثقافيا.
جاء ذلك خلال الاجتماع الذي عقد اليوم في قصر الاليزيه بين حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله وفخامة الرئيس الفرنسي.
وقد عبر جلالة الملك المفدى عن تضامن مملكة البحرين مع جمهورية فرنسا الصديقة إثر حادث الحريق المروع الذي تعرض له البرج التاريخي لكاتدرائية نوتردام بباريس وأدى إلى إنهياره، معربا جلالته عن الأسف لفقدان هذا الرمز الديني والأثر التاريخي العالمي والإنساني العظيم، فهي خسارة فادحة لكل البشرية وليس للجمهورية الفرنسية الصديقة فحسب.
وأعرب جلالة الملك المفدى في مستهل الاجتماع عن خالص الشكر لفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، لدعوته الكريمة لزيارة فرنسا، البلد الصديق، صاحب التاريخ العريق والتراث الإنساني والحضاري المميز والثقافة الغنية والتنوع الثري، والذي تكن له مملكة البحرين كل المحبة والتقدير والاحترام، منوها جلالته بما يجمع الشعبين الصديقين من علاقات قوية ومن خصائص وقيم نبيلة مشتركة تتميز بالذوق الرفيع وروح الإبداع والتسامح والمحبة والتعايش.
وتم خلال اللقاء استعراض ما تم التوصل إليه من اتفاقات وتفاهمات مشتركة وما يشهده مسار العمل الثنائي من تقدم كبير يؤكد حرصًا مشتركًا وسعيًا دؤوبًا للمضي بالعلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين لآفاق أكثر رحابة، حيث تم خلال هذه الزيارة التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مجالات (النفط والغاز، والطب، والتعليم، والتعليم العالي، والتعليم الجامعي، والإعلام، وغيرها).
وأشاد جلالة الملك المفدى وفخامة الرئيس الفرنسي باللقاءات التي جمعت رجال الأعمال الفرنسيين والبحرينيين، وبما تم التوصل اليه من اتفاقيات وعقود تجارية تصل قيمتها الإجمالية إلى أكثر من ملياري دولار، ليصبح مجموع قيمة التعاقدات الحالية والتعاقدات السابقة التي لازالت سارية نحو 4.6 مليار دولار، بما يفتح مجالات جديدة للتعاون والارتقاء بالتجارة البينية البحرينية الفرنسية المشتركة، مستذكرين بكل الاعتزاز تواجد العديد من التجار الفرنسيين في مملكة البحرين منذ عقود بعيدة خلت، ومن بينهم تاجر المجوهرات الفرنسي جاك كارتيه الذي قام بزيارة للبحرين في بدايات القرن الماضي ، واهتم بصناعة اللؤلؤ البحريني ضمن مشغولاته في صناعة المجوهرات من شدة إعجابه بلؤلؤ البحرين الثمين ، حيث يعد هذا التواجد التجاري شاهدا على جزء مهم من العلاقات التاريخية والراسخة بين البلدين.
كما نوه جلالة الملك المفدى بالدور الكبير لمستكشفي الآثار الفرنسيين الذين ساهموا منذ أكثر من أربعة عقود ولا زالوا يعملون حتى الآن في كشف الجزء الأكبر من آثار البحرين وتاريخها القديم.
كما تم خلال اللقاء استعراض القضايا التي تهم المنطقة وعلى رأسها مستقبل السلام في الشرق الأوسط، حيث اتفقت الرؤى بأن المنطقة ورغم كل ما يتراءى للكثيرين من صعوبات، إلا أنها على مسافة أقرب إلى السلام منها إلى نقطة اللاعودة، وذلك إذا ما أسرعنا في بذل الكثير من الجهد المشترك والعمل الجماعي الفاعل القادر على التصدي للتحديات والمخاطر الراهنة.
وعكست المباحثات اتفاقًا واضحًا على أن استدامة الاستقرار في الخليج العربي هي غاية مهمة، تستوجب على جميع دولها وعلى كل حلفائنا حمايتها من شر الإرهاب بكل صوره وتنظيماته، ووقف كل أشكال التدخل السلبي والخطير في شؤونها، حفاظًا على استقلال الدول واحتراما لسيادتها ووحدة أراضيها، وخدمة للسلام والأمن الدوليين.
وأكد جلالته حفظه الله أن مملكة البحرين التي كانت وما تزال منارة للتقدم والإصلاح والانفتاح، ونموذجًا في التسامح والتعايش والتعددية، ستظل ملتزمة بالعمل مع شركائها ومن بينها الجمهورية الفرنسية لتعزيز روح التسامح والتقارب الثقافي والإنساني بين مختلف الشعوب، وستظل مملكة البحرين على ذلك النهج في مواصلة إنجازاتها التنموية والحضارية بكل ثقة واقتدار، لتحقيق كل ما يتطلع إليه ويحلم به أبناء شعبنا الوفي في الأيام الجميلة القادمة.
وكرر جلالة الملك المفدى الشكر والتقدير لفخامة الرئيس الفرنسي على حسن الاستقبال والوفادة، وتمنيات جلالته لفخامته ولفرنسا وشعبها الصديق دوام الرفعة والتقدم والرقي.