أعرب رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي عن سعادته بالمشاركة في أعمال "منتدى الاقتصاد العربي" في دورته السابعة والعشرين، والذي تتشرف مصر بكونها ضيف الشرف له هذا العام، متقدماً بالتهنئة إلى "مجموعة الاقتصاد والأعمال"، مُمثلة برئيسها التنفيذي رؤوف أبو زكي. الذي نجح في تحقيق الاستدامة لهذا الحدث على مدى 27 عاماً.
وأشار إلى أن لبنان يواجه حاليا تحديات شبيهة لما واجهناه، وبالعمل الدؤوب، سيتمكن لبنان من تجاوز كل هذه التحديات.
وعرض مدبولي أهم الجهود التي بذلتها مصر خلال السنوات الأخيرة لتحقيق الاصلاح الاقتصادي في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة، فمُنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد في يونيو 2014 ، رُسِمَت ملامح واضحة للانطلاقة كان أساسها تثبيت أركان الدولة وضمان استقرارها وأمنها داخلياً وخارجياً، ثم تلا ذلك ملفات خاصة بأبعاد اجتماعية؛ لضمان الاستقرار الداخلي الذي تزامن مع برنامج طموح لإصلاح الاقتصاد وتبنيه لإجراءات اتصفت بالجرأة والوضوح، وأضاف أن المخطط المصري يضع لأول مرة البُعد المكاني كمكون أساسي في خطط التنمية، جنباً إلى جنب مع البعد الزمني للخطة والتغيرات القطاعية؛ فقد كان التركيز على خلخلة الكثافة السكانية وضخ استثمارات ضخمة من خلال إطلاق 20 مجتمعاً جديداً؛ وهو ما أدى بالفعل إلى اتساع الطاقة الاستيعابية للاستثمار في مصر، والذي رصدته وأكدت عليه التقارير الدولية. وتحدث عن استراتيجية التنمية المستدامة والتي جاء في إطارها برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه اعتباراً من نوفمبر 2016.
وأكد مدبولي أنه رغم صعوبة التحديات، إلا أن مصر بدأت بالفعل تجنى بعض الثمار والنتائج الايجابية للإصلاحات والجهود المبذولة خلال الفترة الأخيرة، وجاء أهمها في تحقيق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر سنوات بلغ 5,3 في المئة خلال العام المالي 17/2018، ونمت الصادرات غير البترولية من 15 إلى 17 مليار دولار، بنسبة زيادة 12,7 في المئة في عام 17/2018، كما حقق ميزان المدفوعات فائضاً بلغ نحو 12,8 مليار دولار، وارتفع كذلك حجم احتياطيات النقد الأجنبي من 14,9 مليار دولار في يونيو 2014 ليصل إلى 44 مليار دولار في فبراير 2019؛ لتُغطي حوالى ثمانية أشهر من الواردات السلعية بعد أن كانت تغطي ثلاثة أشهر فقط.
وأضاف مدبولي أن الحكومة تستهدف أيضاً رفع معدلات النمو الاقتصادي بشكل تدريجي من 5,3 في المئة في العام 17/2018 إلى 8 في المئة بحلول عام 21/2022، وتعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع هذا النمو بمواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، خاصةً ما يتعلق بميكنة إجراءات تأسيس الشركات وتبسيطها وخفض تكلفتها، والتوسع في المناطق الحرة وإنشاء 12 منطقة استثمارية جديدة، وتأسيس منصة شاملة لتحفيز بيئة ريادة الأعمال، من خلال أربع ركائز أساسية هي: التمويل، وتأهيل رواد الأعمال، ومراكز خدمة ريادة الأعمال، والإصلاحات التشريعية والتنظيمية الجديدة، وكذا الاستمرار في تحديث الخريطة الاستثمارية، وتحديث بيانات الفرص الاستثمارية، بما ينعكس على جذب استثمارات خاصة تقدر بحوالي 200 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، وزيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بحوالي 47 مليار دولار.
وأشار مدبولي إلى أن الحكومة تُولي كذلك أهمية بالغة لتعزيز تنافسية قطاع الصناعة، بما يحقق زيادة معدل النمو الصناعي من 6,3 في المئة 18/2019 ليصل إلى 10,7 في المئة 21/2022، وذلك بالتركيز على إتاحة الأراضي الصناعية بأسعار تنافسية، وتبسيط إجراءات التراخيص الصناعية، والتوسع في المجمعات الصناعية المتكاملة بإنشاء 13 مجمعا صناعياً جديداً.
وأوضح رئيس الوزراء أن كل هذه الجهود المستهدفة في مجال تحسين بيئة الأعمال، تستهدف بالدرجة الأولى توفير حوالي 900 ألف فرصة عمل سنوياً، وقد نجحت الحكومة خلال السنوات الاربع الماضية في توفير 4 ملايين فرصة عمل، أسهمت في خفض معدلات البطالة إلى حوالي 8٫9 في المئة، لافتاً إلى أن الحكومة تولي أيضاً أولوية لتحسين مستوى معيشة المواطنين، بإنشاء 14 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع على مساحة 450 ألف فدان، بما يؤدي إلى زيادة الانتشار العمراني وتخفيف الضغط على الخدمات المتوفرة في المدن القائمة، إلى جانب الانتهاء من تطوير جميع المناطق غير الآمنة، والتي ستنتهى هذا العام، بتوفير 200 ألف وحدة سكنية تقريبا، لأهالينا سكان هذه المناطق، إضافة إلى التوسع في تقديم وحدات الإسكان التي تلائم مختلف فئات المواطنين بإنشاء 750 ألف وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي، إضافة إلى حوالي 400 ألف وحدة أخرى بالإسكان المتوسط، وتنفيذ 5000 كم بشبكة الطرق القومية، وتحسين خدمات مياه الشرب بتنفيذ 265 مشروعا، فضلاً عن 594 مشروعا لتطوير خدمات الصرف الصحي، والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي بتغطية 60 في المئة من السكان تحت خط الفقر في برنامج "تكافل وكرامة" بحوالي 18 مليون مواطن.
كما أشار رئيس الوزراء إلى أن تعزيز الابتكار وتطور بيئة الأعمال هو أهم ممرات العبور بالاقتصاد المصري نحو الاندماج الفعّال في الاقتصاد العالمي، ولذا فتسعى الحكومة المصرية للانخراط في الثورة الصناعية الرابعة. وأوضح أنه إلى جانب الإجراءات والإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تم اتخاذها لتهيئة بيئة الأعمال الداعمة للشراكة مع القطاع الخاص، تعمل الحكومة كذلك على خلق الفرص وفتح مجالات متعددة للاستثمار المشترك، ومن بين هذه المجالات برنامج الطروحات الحكومية الذي تسعى الحكومة من خلاله لطرح 23 شركة حكومية في البورصة في مدة تتراوح بين 24 و30 شهراً، بإجمالي حصيلة متوقعة تصل إلى حوالي 4,5 مليار دولار، في إطار المرحلة الأولى من البرنامج وبقيمة سوقية تصل إلى ما بين 2-3 مليار دولار.
وأشار مدبولي إلى أن الدولة أنشأت صندوق مصر السيادي؛ حيث صدر في شهر أغسطس الماضي قرار السيد رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 177 لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر السيادي (برأس مال مرخص به 200 مليار جنيه ورأس مال مدفوع 5 مليارات جنيه مصري)، وتستهدف الحكومة المصرية أن يكون هذا الصندوق إحدى الآليات الفاعلة لتعزيز الاستثمار المشترك مع الصناديق السيادية والمؤسسات المالية الكبرى الدولية؛ لضخ رؤوس الأموال وتوفير التمويل للمشروعات الداعمة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف مدبولي أن التمويلات الموجهة للشركات الناشئة في السوق المصرية واصلت نموها بشكل ملحوظ، وبلغ إجمالي التمويلات التي جرى ضخها في الشركات الناشئة بمصر خلال العام الماضي وفق تقرير نشره موقع "باتريك أفريقيا" نحو 67 مليون دولار، مقارنة بحوالي 36,9 مليون دولار في 2017.. وتقترب مصر من سد الفجوة التمويلية القائمة بينها وبين الدول الأخرى الرائدة إقليميا.
وأشار إلى أن مصر في الوقت نفسه تؤمن بأهمية التكامل بين مبادرات التنمية المختلفة، وأن تأتي جهود الدول منسجمة وداعمة لهذه المبادرات، وفي هذا الاطار تقدم مصر للعالم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز لوجستي واقتصادي عالمي يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة والتجارة الدولية، ويفتح آفاقاً استثمارية رحبة في مجالات متنوعة وواعدة، خاصة في قطاعات: النقل والطاقة، والبنية التحية، والخدمات التجارية؛ ليكون محور قناة السويس رابطاً تجاريا واقتصادياً يتكامل مع مبادرة الحزام والطريق ويربطها بإفريقيا.
ومن هنا.. فإن مصر بالتالي تُعد محور الانطلاق، ليس فقط للسوق المصري والاقليمي، وإنما لخدمة أسواق كبيرة في المنطقة تشمل إلى جانب المنطقة العربية إفريقيا وأوروبا وبعض الشركاء، وذلك بحكم الاتفاقات والمعاهدات التجارية مع هؤلاء الشركاء.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن السفير أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، أوضح فى كلمته بالمنتدى، أن الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين تقدمت كثيرا في الأربعين عاما الماضية، ويبقى التساؤل بين شعوبنا العربية، متى نتقدم مثل هذه الدول؟، والإجابة واضحة جدا، فهذه الدول كانت تعمل طوال هذه السنوات بانضباط، شديد، وجدية، تصل إلى حد القسوة في بعض الأوقات، ولذا نحن ليس أمامنا إلا العمل بجدية وانضباط، وأن يكون هدفنا هو الوطن، ثم الوطن، ثم الوطن، وليس أي مصالح شخصية أخرى.