آخبار عاجل

ارحموا أبناءكم و الوطن .. بقلم: سلوى المؤيد

08 - 05 - 2019 1:44 2815

أجد نفسي حائرة أمام ظاهرة الإنجاب العشوائي التي تهدها الطبقات الفقيرة الغير متعلمة في البحرين.. و أخص  بالذكر هنا كبار السن من الآباء الذين لا يجدون لقمة عيشهم.. و مع ذلك يواصلون في إنجابهم لأبناء هم غير قادرين على الإنفاق عليهم فيتسولون في الشوارع أو بين المكاتب لينفقوا عليهم.. كيف يمكن لرجل طاعن في السن و عاجز عن العمل أن يواصل إنجابه لأبناء هو غير قادر حتى على إطعامهم فكيف باحتياجاتهم الأخرى الكثيرة في عالم مليء بالمغريات و أسباب الانحراف؟؟

هل نتوقع من أبناء محرومين مادياً و نفسياً بسبب افتقارهم إلى الرعاية و الإرشاد.. أن يكونوا مواطنين صالحين؟ ألا يدرك أمثال هؤلاء الآباء مدى ظلمهم لأبنائهم و هم يمارسون جهلاً و ظلماً حقوقهم الشرعية في الزواج و تعدد الزوجات و الإنجاب العشوائي دون أي وعي بخطورة ما يرتكبون؟ ماذا يمنع وزارة العدل و الشئون الإسلامية من إصدار قوانين شرعية من تعاليم الدين الإسلامي؟ ألا تحمي بذلك الزوجة و الأبناء من أنانية جاهلين يطبقون بأسلوب خاطئ حقوق منحهم إياها دينهم بشروط يجب توافرها لممارسة هذه الحقوق التي لا يفكر معظم الرجال في تطبيقها اليوم.. أبسطها القدرة المادية و المعاملة الإنسانية القائمة على المودة و الرحمة فيسحقون بسببها حقوق زوجاتهم و أبنائهم، في ظل الفقر و الحرمان و الإهمال .. الذي ستكون له نتائج خطيرة على أمن المجتمع و استقراره الاقتصادي سواء عن طريق اتجاه هؤلاء الأبناء إلى السرقة لسد احتياجاتهم الضرورية و الكمالية التي يشاهدون غيرهم من أبناء الأسر المؤمنة بتنظيم الإنجاب يتمتعون بها و الدليل على تزايد السرقة التي يرتكبها الأطفال و الشباب في البحرين أو عن طريق إرغام آبائهم لهم بترك الدراسة بعد انتهاء المرحلة الإعدادية أو الثانوية من أجل البحث عن عمل للإنفاق على إخوتهم العشرة أو الاثني عشر و أكثر.. ما دام الأب إما عاجزاً عن العمل، أو يعمل بدخل ضعيف ومتزوج من زوجتين أو أكثر بعد أن أنجب من الزوجة أو العدة زوجات فوق العشرين طفلاً.. أو متوفياً ترك وراءه أطفالاً كثيرين.. فيتزايد بذلك عدد الشباب الباحث عن وظيفة دون أن يكون مؤهلاً من خلال حرفة يحتاجها سوق العمل في البحرين.. إن أكثر الباحثين عن العمل شباب أنهوا المرحلة الثانوية أو طلبة تركوا مدارسهم لإعالة أسرهم فهل ينعم أمثال هؤلاء الأبناء بحياتهم..؟ إنهم يدفعون ثمن غلطة فادحة يرتكبها آباؤهم في حقهم .. محرومون من أبسط حقوقهم المادية أو النفسية ليكونوا مواطنين يتمتعون بالتوازن النفسي و حب الحياة و الخير للآخرين.. فهل يستطيع أمثال هؤلاء الأبناء إكمال تعليمهم للتمكن من حرفة يستطيعون من خلالها الحصول على دخل مادي يمكنهم من بناء أسرة و العيش المريح الكريم؟
لقد قال لي أحد الباحثين عن عمل.. و عمره لا يتجاوز الثامنة عشرة .. شاحب الوجه رث الملابس يرتدي نعالا ممزقة:  "كيف يمكنني أن أكمل تعليمي/ لقد أرغمني والدي على ترك دراستي لكي أساعده في الإنفاق على إخوتي الإحدى عشر.. راتب أبي لا يزيد عن 150 دينارا ولا يقبل أن أناقشة في التوقف عن الإنجاب... أو الزواج من امرأة أخرى و إنجاب المزيد من الأبناء فمادام القانون يسمح له.. ولنذهب نحن إلى الجحيم..".  و عندما سألته عن عدد غرف بيتهم .. أجاب متهكما بنبرة بائسة: "غرفتان فقط واحدة لوالدي و الثانية ننام فيها نحن الأبناء الاثني عشر أنا و أخي الكبير في جانب.. و في الجانب الآخر عشرة أخوة بينهن أربعة فتيات".  وتابع حديثه: "ان أمثالنا كثيرون و لا تستطيع أن نحتج على آبائنا لأنهم لا يصغون لنا.. هم لا يهتمون بما يضايقنا أو بمطالبنا لقد خاصمت والي و تركت البيت، لكنني عدت مرة أخرى، أين أذهب، هل أنام في الشوارع؟".  إن إجابة هذا الشاب البائس تكررت بصورة أخرى شبيهة من قبل الكثير من الشباب الباحث عن وظيفة.. بعضهم يقول لي ان والده لا يعرف حتى اسمه بسبب كثرة أبنائه، و بعضهم لا يحصل حتى عن احتياجاته المادية الضرورية و يعيش في مساكن بائسة و مع ذلك لديه أكثر من عشرة أخوة، كانت نفسي تتقطع ألما، و أنا أرى شبابا يضيع مستقبله الدراسي بسبب جهل آبائه، أي وظيفة سيحصل عليها أمثال هؤلاء الشباب الباحثين عن عمل، وظيفة ساعي أو حامل البضائع أو سائق، و الا فما هي الوظيفة التي يمكن لأحد من القطاع الخاص أن يوكلها لشخص لا توجد لديه حرفة يتقنها.. الا يتطلب ذلك من الدولة أن تكثف فيه من حملات توعية بأهمية المباعدة بين الولادات.. لكي يحصل كل طفل على احتياجاته المادية و النفسية من والديه .. ليكون سعيدا و قويا و متعلما.. يبني حضارة وطنه، يكفي أن أذكر أن عاصمة البحرين"المنامة" تعد الدولة الرابعة في العالم من حيث الكثافة السكانية بالقياس إلى مساحة أرضها.. و لو لا نظام المرور البحريني المتقدم، و الشوارع الخارجية الواسعة، لشهدنا كارثة مروري مع تزايد الإنجاب العشوائي المستمر إلى جانب العمالة الأجنبية و أبنائها. 
لماذا لا نستفيد من تجارب الدول الإسلامية الأخرى و نحاول تطبيقها قي البحرين..؟ خصوصا تلك الموجهة إلى الآباء الغير متعلمين، الذين يعتقدون أن إنجاب الأبناء رزقا من اللـه حراما أن يرفضوه، لا يعلمون أن اللـه قد أمر عباده بتربية أبنائهم تربية صالحة.. فكيف يمكن لأب أن يربي أبناءه تربية إسلامية صالحة، و هو غير قادر حتى على توفير قوت يومهم أو لا يعمل بأسمائهم؟  وكيف نكون أمة إسلامية قوية يتباهي بها الرسول الكريم يوم القيامة عندما قال في حديثه الشريف في بداية الدعوة الإسلامية "تناسلوا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة".  إذا كنا أمة ضعيفة هزيلة؟ لا يستطيع الأبناء إكمال تعليمهم بسبب الفقر.. ليضطرون إلى التسرب من المدارس إما بسبب إهمال آبائهم. أو بسبب الحاجة المادية للإنفاق على إخوتهم، لقد سمح الرسول الكريم بالعزل في أيام الصحابة رضي اللـه عنهم  لأنه كان يدرك أهمية المباعدة بين الولادات ليحصل الطفل على الاهتمام الكافي من والديه..  كما أنه نصح الشباب بعدم الزواج إذا كانوا غير قادرين ماديا على تكوين أسرة حيث قال صلى اللـه عليه وسلم: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فليصم" ثم يقول في حديث شريف آخر: "لأن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ثم الا يدلنا هذا الحديث الشريف عن أهمية رعاية الأبناء التي لا يمكن للأب القيام بها الا إذا قام بتنظيم إنجابه. "إن اللـه سائل كل راع عما استرعاه، حفظه أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".  ثم، الا يكفي هذا الحديث الشريف لكي نؤمن أن الدين الإسلامي يدعو إلى تنظيم الإنجاب "أعوذ باللـه من جهد البلاء، قالوا ما جهد البلاء يا رسول اللـه، قال : قلة المال و كثرة العيال ".
لقد دعا الخليفة علي بن أبي طالب كرم اللـه وجهه إلى تنظيم النسل ذكر أن كثرة العيال أحد الفقريين وقلة العيال أحد اليساريين.
ماذا نريد أكثر من هذه الأدلة الإسلامية القوية لنهتم بهذا الموضوع الهام، أصبح من الضروري القيام بحملة إعلامية لتنظيم الإنجاب في أوساط الغير متعلمين، إلى جانب بقية الإجراءات المطلوبة من المسئولين و القطاع الخاص للعمالة البحرينية الغير متعلمة بدل العمالة الأجنبية، واهتمام وزارة التربية و التعليم بتقوية منهج اللغة الانجليزية حيث تتطلب معظم الوظائف إتقان هذه اللغة العالمية في مجال التجارة و الاقتصاد.  بالإضافة إلى وضع خطة جادة من فبل وزارة العمل و الشئون الاجتماعية لتدريب الشباب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة على مهن يحتاجها سوق البحرين، فيتم التعاقد  بين الموظف البحريني مع التاجر على أساس عقد خاص بينهما يضمن حقوق وواجبات الطرفين بصورة عادلة،  كما أن  على البحرينيين أن يبدوا التزاما جادا في العمل، حتى يشجع ذلك أصحاب القطاع الخاص على توظيفهم بدل العمالة الأجنبية و لا ننسى أهمية تواجد جهاز إداري حكومي أو ممثل عن مجلس الشورى يقوم بمراقبة الميزانية العامة وسبل اتفاقها لما فيه مصلحة الوطني المواطن.. إننا لا شك عن طريق تلك الإجراءات العملية.. و الحوار و التفاهم بين مختلف القطاعات و المسئولين، مع إعطاء الصحافة المزيد من الحرية المسئولة في انتقاد الأوضاع الخاطئة، سنوفر التربة الصالحة للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي و الأمني في البحرين.  
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved