أمثالنا الشعبية نابعة من تجارب شعوبنا وخبرتها وتجربتها ومعايشتها للحياة بكل تلاوينها وتقسيماتها وتشعباتها، نلجأ إليها عندما تتكرر الحالات أو عند تشابهها، وتعد مرجعًا للتأمل والتدبر وأخذ الحكمة ومواجهة تقلبات الأيام.
فالمثل من السودان الشقيق يقول: «نصف رأيك عند خيك»، فالأخ قد يكون من أب وأم وقد يكون من الحي الذي تسكن فيه أو من الوطن الذي يضمك مع إخوة لك في الوطنية، تشاركهم ويشاركونك لقمة العيش ويلتحفون بالسماء التي تضمك معهم، فنحن لا غنى لنا عن رأي سوانا، فتبادل الرأي والمشورة فيه إغناء للأفكار والتوجه إلى البناء والنماء بخطى واثقة، وراحة نفسية، فقديمًا قيل: «ما خاب من استشار»، ورأي الاثنين أفضل من الواحد، وهكذا هو التواتر إلى الوصول إما إلى الإجماع أو التوافق عندها حتى لو تبيّنت بعض الأخطاء فالرجوع إلى الحق فضيلة.
في عالمنا اليوم نسمع عن «العصف الذهني» ونسمع عن التفكير خارج الصندوق ونسمع عن مجموعات تلتقي على أمر واحد يتم تبادل الرأي حوله، يجتمع لمناقشته خبراء ومفكرون وأصحاب تجارب متباينة بغية الخروج بقرارات أو توصيات ترفع لذوي الشأن لتطبيقها أو تطبيق بعضها على مراحل، فلا يمكن الوصول إلى كل شيء؛ لأن من طبيعة الأمور أن نبدأ بالممكن وندرس بقية الأمور بتأني وروية للوصول إلى الهدف والغاية المبتغاة.
المرء منا بحاجة إلى رأي زميله في العمل أو في النادي أو الجمعية، ولذلك فقد ضمت أنديتنا الرياضية والاجتماعية خبرات متعددة، وأعضاء مجلس الإدارة عندما يتخذون قرارات ينظرون إلى ردود أفعال المنتمين لهذه الأندية الذين هم بالضرورة من سينفذون هذه القرارات على وجه السرعة أو التعامل معها على مراحل.
تتجه أنديتنا الرياضية والاجتماعية هذه الأيام في مملكة البحرين إلى إنشاء مشاريع ومجمعات تجارية يعود مردودها خيرًا على الأندية ونشاطها، وعندما تشجع المؤسسة العامة للشباب والرياضة بقيادة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة على إقامة هذه المشاريع بإشراف ومتابعة من وزارة شؤون الشباب والرياضة باهتمام سعادة الوزير الشاب أيمن توفيق المؤيد، فإننا نتطلع إلى أن تقوم هذه الأندية بنشاطات كثيرة ومتعددة في صالح الشباب والرياضة والأنشطة الاجتماعية والثقافية في هذه الأندية، والمهم هو استقطاب شبابنا للعمل سويًا للنهوض بالحركة الشبابية وقدرتهم على تبادل الرأي والمشورة والأخذ بأسباب الفكر المستنير لخير الوطن والمواطنين.
وعندما أنشئت الأندية والجمعيات التي تنادى لها الخريجون من الجامعات العربية والأجنبية، كان من بينها نادي الخريجين بالمنامة الذي ضم خبرات متعددة، وكان من بين أهدافه مساعدة الطلبة لمواصلة دراساتهم في الخارج وتذليل العقبات، بالإضافة إلى إقامة أنشطة اجتماعية وثقافية وبعض الألعاب الذهنية والالتقاء مع بعضهم بعضًا إغناءً لتجاربهم العلمية والعملية، وترأس نادي الخريجين على مدى تاريخه رجال عرفوا بحرصهم على وطنهم وأدوار أبناء الوطن في البناء والنماء.
نذكرهم ونقدر أدوارهم الرائدة، وهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة وزير التربية والتعليم الأسبق عام 1966-1969 ومن عام 1978-1981، والمرحوم قاسم أحمد فخرو رجل الأعمال ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين الأسبق عام 1970-1971، والأستاذ حسن إبراهيم المحري الوكيل المساعد للتربية والتعليم الأسبق عام 1972-1973، وحمد علي أبل رجل الأعمال عام 1976-1977، والمرحوم طارق عبدالرحمن المؤيد وزير الإعلام الأسبق عام 1982-1987، والسيد خالد محمد فخرو عضو مجلس الشورى حاليًا النائب الأول لرئيس المجلس عام 1988-1989، والسيد عبدالله راشد المدني بوحجي وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الأسبق عام 1974-1975 ومن عام 1990-1991، والسيد عبدالرحمن محمد سيف جمشير عضو مجلس الشورى حاليًا عام 1992-2019، والسيد عبداللطيف أحمد الزياني المدير العام المساعد لشؤون التقاعد الأسبق الرئيس الحالي للنادي.
واطلع النادي بأدوار وطنية مشهودة وثقافية وأنشطة اجتماعية متميزة سجلها تاريخ النادي، وكانت الدولة تدعم هذا النادي وأنشطته التي كان مردودها طيبًا.
ونحن نأمل أن تواصل الأندية الاجتماعية والجمعيات المهنية أدوارها في التنوير والتثقيف وإغناء الأفكار والآراء التي تبني المجتمع وتسهم في التطوير، فهي الوسيلة التي تجمع مختلف التخصصات، والمطلوب هو مواصلتها للأنشطة التي تتيح المجال لشبابنا للاستفادة من خبرات وتجارب من سبقهم، ولا شك أن المجتمع بحاجة إلى أبنائه من مختلف الأعمار والتجارب، وهذا لا يتعارض أبدًا مع الأنشطة المميزة التي تقوم بها بعض الأندية أو المراكز الثقافية كمركز عبدالرحمن كانو الثقافي أو أسرة الأدباء والكتاب، أو مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة بالمحرق، أو هيئة البحرين للثقافة والآثار، فكلما تعددت منابر الفكر كان في ذلك إغناء للمجتمع وتجاربه وإثراء الفكر بين أبنائه الذين نحن بأمسّ الحاجة إلى أفكارهم ورؤاهم، كما أن الجيل الجديد من شبابنا من أبناء الوطن يتحلون أيضًا بخبرات وتجارب ربما لم نعهدها في زماننا، فنحن بحاجة إلى الاستماع إلى آرائهم وتجاربهم وآمالهم وتطلعاتهم، وبالضرورة سنستفيد ونفيد، وبذلك نحقق لنا الأهداف والمقاصد التي من شأنها إثراء المجتمع وإغنائه بالأفكار النيرة التي تفتح آفاقًا للتعاون والبناء والنماء.