طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا الشهر الماضي بوقف عمليات التنقيب غير القانونية عن الغاز داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص في البحر المتوسط، في تصريح أثار استفزازًا بالغًا لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وبحسب تقرير لموقع "أحوال" التركي، فإن فرنسا، ثاني أقوى قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تتمتع بوجود بحري دائم في شرق البحر المتوسط، وقد أظهرت اهتمامًا متزايدًا في الآونة الأخيرة بمصالحها مع قبرص. وخلال زيارة إلى نيقوسيا في يناير الماضي، أكد ماكرون على أهمية قبرص كمرفأ للقوة البحرية الفرنسية في شرق المتوسط، والمكونة أساسًا من حاملة المروحيات شارل ديجول ومجموعة القطع البحرية المرافقة لها، وفي اليوم التالي زار رئيس أركان القوات البحرية الفرنسية ميناء ماري القبرصي. وفي مايو الماضي، أصدرت فرنسا وقبرص إعلان نوايا مشترك حول التخطيط لتوسيع الميناء بحيث يتسنى له استضافة سفن حربية أكبر حجمًا. ولوحظ اهتمام ملموس بإعلان النوايا الفرنسي القبرصي من الصحافة التركية، التي اعتبرته جزءًا من الصراع على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، وفسرته بأن البحرية الفرنسية تتحرك لحماية أنشطة شركة "توتال" الفرنسية العملاقة للنفط، التي تعمل في امتيازات حقول نفط وغاز يونانية، من التدخلات التركية. لكن موقع "أحوال" أشار إلى أن حماية الاستثمارات الفرنسية في حقول الغاز ليس الدافع الوحيد لتعزيز فرنسا تواجدها البحري العسكري في شرق المتوسط، فالمنطقة بشكل عام مسرح اضطرابات أمنية شديدة التوتر في سوريا ولبنان وليبيا. وأضاف الموقع أن هذه العوامل أدت إلى سباق نفوذ بين الفاعلين الرئيسيين في المنطقة، وفي هذا الإطار تكثف فرنسا وجودها البحري من أجل ردع التهديدات، أو حتى المشاركة في عمليات الإنقاذ الإنسانية للمدنيين من بؤر الصراعات. ومنذ بداية الحرب الأهلية السورية في 2011، تسيّر البحرية الفرنسية دوريات استطلاع قرب السواحل السورية، في إطار جهودها لمنع تدفق عناصر إرهابية من سوريا إلى أوروبا. وتابع الموقع أن قبرص تشكل في هذا الإطار نقطة ارتكاز شديدة الأهمية للبحرية الفرنسية، وقد وقع البلدان اتفاقية تعاون دفاعي عام 2007، وقاما بتجديدها لمدة عقد آخر عام 2017. وقال الموقع إن الوجود البحري العسكري الفرنسي في شرق المتوسط يمثل مكسبًا مزدوجًا لكل من فرنسا وقبرص، فهو يسبغ على الأخيرة حماية عسكرية من الاستفزازات التركية، ويمكّن فرنسا من الحفاظ على هذا التواجد في شرق المتوسط وتعزيزه.